حتى الآن من الواضح ان الشيخ احمد الفهد تخلى عن المعارضة الطارئة، او هو، والله اعلم، اجبر على التخلي عنها. وقد اصبح اكثر من واضح ان الشيخ احمد كان المزود او المحرك لحراك المعارضة الطارئة، والمسؤول عن ابقاء الروح والاستمرارية فيه. فقد مات الحراك او خمد في حالات كثيرة، وفي معظم هذه الحالات تم احياء الحراك او حقنه بالنشوة والقدرة الكاذبة بـ«ملفات» يستعرضها الشيخ احمد الفهد مباشرة، او من خلال مسلم البراك في غالب الوقت.
الآن، وبعد تعهد الشيخ احمد الفهد بان يتخلى عن «قضاياه ونضاله الوطني»، فهل سيتخلى الحراك هو الآخر عن قضاياه ونضاله الوطني؟! لا اعتقد ان لدى جماعة المعارضة قضايا ومهام حتى يتخلوا عنها. فهم كانوا وما زالوا بلا رؤى ولا اهداف عامة محددة، بل كان ما يجمعهم هو ردود افعال على قضايا وهمية، او ربما حقيقية، لا غير. هذه كانت ولا تزال مشكلة المعارضة وازمتها الذاتية، فهي معارضة طارئة وتغيير جلد موسمي لذات الجماعات التي خلقها او تلقفها النظام.
الحراك نشأ في بداياته كردود فعل على التصدي للانتخابات الفرعية، ثم حفزته سياسة ازالة التعدي على املاك الدولة، التي تبنتها بحسم الحكومات السابقة. وتم بعد ذلك استثمار نشاط النائب السابق محمد الجويهل، فكان تجمع الاندلس ثم العقيلة، للدفاع المزعوم عن القبائل ضد الهجمة المزعومة ايضا للحكومة واتباعها، اي ان الحراك نشأ قبليا صرفا، رغم انضمام بعض المجاميع الوطنية له. وقد ظل كذلك، على ما يبدو لي، حتى تبناه الشيخ احمد واستثمرته الحركة الدستورية. فظهرت حركة «ارحل»، وتزامنت معها وظهرت معها وصاية الشيخ احمد الفهد او توجيهه للحراك. فكانت قضية ايداعات النواب، ثم التحويلات الخارجية، ثم رشى المحكمة الدستورية، وبعدها اتهامات الخيانة والعمالة لايران. وهي ما شكلت الاهتمام الجدي الذي قام عليه الحراك.
اي ان الملاحظ هنا ان المعارضة الطارئة نشأت قبلية تماما في البداية، ثم تحولت دينية قبلية، بعد ان أمها النائب وليد الطبطبائي واستثمرتها حركة الاخوان، وبعد ذلك انتهت مطية وصنيعة للشيخ احمد، بعد تبني مسلم البراك بقوة قضايا الشيخ احمد الفهد.