بصمت، وبدقة، وخسة… ينفذون خطتهم المكارثية الكارثية (مكارثي، عضو أميركي قاد حملة “لتطهير أجهزة الدولة من جواسيس الاتحاد السوفييتي والمتعاطفين معه”، ولم يسلم منه حتى شارلي شابلن، الممثل الصامت الشهير. وبعد سنوات، وبعد أن ضاع الكثيرون “في الرجلين”، تبين كذبه ومبالغته وخسّته).
نحن في الكويت، صدقاً لا مبالغة، نعيش في مرحلة أخطر؛ “تطهير أجهزة الدولة من أنصار المعارضة، خصوصاً المتعاطفين مع مسلم البراك، وإحلال أنصار الموالاة مكانهم”! وأنا هنا لا أتحدث عن الوظائف الكبرى، مثل وزير أو ما شابه (الوزير في الكويت موظف منفّذ لا أكثر)، بل أتحدث عن مناصب من مدير وما دون.
ولم يكن الدكتور فيصل الحلاف أول من “أُبيدَ” إدارياً، ولا هو آخرهم. وكلنا نتذكر ما جرى له، عندما تمت إزاحته من منصبه لمعارضته الفساد المتفشي في الدولة، بعد أن هرول بعض نواب المجلس السابق إلى صاحب القرار، وأقنعوه أن د. فيصل يشارك في ساحة الإرادة، وهذه هي صوره وهذه أفكاره.
الأمر ذاته تكرر مع آخرين في وزارات أخرى؛ فهذه معلمة تشكو وكيلة المدرسة “المتعاطفة مع مسلم البراك في سجنه”، وهذا الطيار تم إبعاده عن عمله بسبب جلوسه مع البراك والتصوير معه، وهؤلاء الموظفون يشتكون الظلم وحرمانهم من مناصبهم المستحقة بسبب تأييدهم للمعارضة في محاربة الفساد، وهكذا…
وقبل فترة، روى لي أحد الشبان حادثة مضحكة مبكية، يقول فيها: “كنت أستعرض صور حفل زواج شقيقي، أثناء استراحتنا في مقر عملنا، وتوقفنا عند صورة لي مع مسلم البراك في الحفل، وعلقت بأن هذه هي الصورة التي أضعها في خلفية موبايلي، اعتزازاً بمسلم”.
يضيف صاحبنا: هنا، تلقيت غمزة عين من أحد أقرب الزملاء لي، وبعد أن انفض جمعنا، سألته عن قصده بالغمزة، فقال: “أخشى أن تتضرر من المدير إن بلغه الخبر، بسبب اعتزازك بمسلم وفخرك به، ونحن في مرحلة كتابة التقارير السنوية، وقد تحصل على تقدير (ضعيف)”. يقول: فضحكت على رعبه المبالغ فيه، وسخرت منه، مساء، عند أصحابي، فوجدتهم يؤيدون رأيه، ويذهبون إلى أبعد من ذلك، باعتبار أن الكويت تمر الآن بمرحلة “بتر أنصار المعارضة، وأهمها مسلم البراك”.
وعندما سألته عما جرى بخصوص تقريره السنوي، قال: “كتقريري السابق، لا تغيير، ولا أدري هل علم المدير عن الصورة وتجاوز الأمر، أم أنه لم يعلم”.
أوردت هذه الحادثة لتبيان القناعة المنتشرة الآن عند الناس، وهي: من يتعاطف مع مسلم البراك فسيذهب إلى الجحيم، ومن يتعاطف مع الموالاة فـ”فاله البيرق والمنصب”. وعلى عينك يا تاجر. وسلام يا دولة المؤسسات.