سبق أن تطرقنا إلى الطرق السرية المتبعة داخل حركة أو حزب الإخوان المسلمين في الكويت، التابع للتنظيم العالمي للإخوان. ما لم نتطرق إليه هو بعض خفايا العضوية والانتخابات الداخلية (إن وجدت) في هذا الداخل الغريب.
تأسست في الكويت عام 1952 جمعية دينية باسم «الإرشاد الإسلامي»، وكانت امتداداً طبيعياً وسياسياً لحركة الإخوان المسلمين المصرية. ونصّ نظامها على أن هدفها «الوعظ والإرشاد»، وأنها «لا تتدخل في السياسة». ولكن الجمعية تجاهلت هذا البند بقبول انضمام عدد من الإخوان المسلمين المصريين، وبالذات من الهاربين من بطش جمال عبدالناصر، للجمعية كأعضاء. وحضر تأسيسها في حينه محمد العدساني وعبدالرزاق العسكر، وعلي الجسار، وخالد العيسى، وعبدالعزيز العلي المطوع. وكانت أعمالها خيرية في الغالب، قبل أن تغوص في السياسة ويخرج منها عبدالعزيز العلي المطوع – مؤسسها الحقيقي – وأول مراقب عام لها. وأصدرت الجمعية بعدها مجلة الإرشاد الشهرية، ولكن سرعان ما توقفت، بعد الأزمة الشديدة التي تعرض لها «الإخوان» في مصر، مما يعني أنهم كانوا وراء تمويلها!
وبعد استقلال الكويت وبداية الحياة النيابية، تم الاتفاق على تغيير اسم الجمعية، والابتعاد عن لفظ الإرشاد، ذي المعنى السلبي، لتصبح «جمعية الإصلاح الاجتماعي» وكان ذلك عام 1963، وهي بالتالي امتداد طبيعي للإرشاد. ومع هذا التغيير دخلت الجمعية في مرحلة جديدة تطلبت اختيار هيئة تأسيسية وأخرى إدارية، وعقد اجتماعها الأول في 11 يونية 1963، حيث أقر قانونها الأساسي، وكان ذلك آخر علمنا باجتماعات الجمعية، التي أصبحت بعدها تعمل بشكل أقرب للسرية منه للعلنية.
سريتها الغريبة وعدم معرفة كيف يتم فيها انتخاب مجلس الإدارة، ومكتب المجلس، دفعت المحامي المميز بسام العسعوسي إلى اللجوء للقضاء لإجبار الجمعية على مزيد من الشفافية والتصريح بأسماء أعضائها، العاملين والمنتسبين. ولكن طلبه رُفض في مرحلة تالية، لكونه «غير ذي صفة»!
والحقيقة، أن قلة قليلة فقط تعرف كيف تعمل جمعية الإصلاح، وأين تذهب أموالها، ومدى تغلغلها في العمل السياسي. ولا أعتقد أن أحداً خارجها، وربما حتى وزارة الشؤون، تعرف الكثير عن الطريقة التي تتم بها انتخاباتها الداخلية، كجمعية نفع عام. فالسرية هي ما تتبعه، ولا نعرف السبب وراء ذلك، وهل هناك حقّاً قوائم تتنافس داخلها، أم أنها تعمل بما يمليه «المرشد العام» عليها، وعلى البقية «السمع والطاعة؟!
أسئلة كثيرة نتمنى على نائب بشجاعة السيد نبيل الفضل التصدي لها وإجبار هذه الجمعية، وغيرها من الجمعيات التي ربما تتغطى برداء الدين، ولأي مجموعة مذهبية انتمت، على العمل بشفافية ووضوح أكثر.