إذا كان الإقتراض مصدر راحة أو مصدر قلق فهو بالتأكيد ليس معضلة الأفراد والشركات فقط ، بل للدول نصيب الأسد فيه ، وقد يكون أكثر ما يهمنا هو موضوع سقف الدين الأمريكي ، وخطر أن تفقد الولايات المتحدة قدرتها على الإقتراض وتحويل إلتزاماتها ، فأكبر إقتصاد في العالم يرزح تحت وطأة مديوينية ضخمة تفوق (17) تريليون دولار ، وجارته العجوز ليست أفضل منه حالاً ، فأوروبا تكافح لسداد ديونها التي تراكمت لعقود وهددت تماسك الإتحاد والعملة الموحدة ، فحجم الدين العام لمنطقة اليورو مرتفعاً حيث يبلغ (9) تريليون دولار تقريباً ، أي 93% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة .
تخلف الدول عن الوفاء بإلتزامات ديونها موضوع معقد ، وتبعاته وخيمة على الإقتصادات والشعوب ، فتوقف الدولة عن السداد أو أي إشارة لإمكانية حدوث ذلك يؤدي إلى فقدان المستثمرين في الأسواق الدولية الثقة في حكومة هذه الدولة وتجنبهم الإشتراك في أي مناقصات لشراء سنداتها في المستقبل .
إنَ ردَت فعل المسثمرين لا تقتصر على تلك الذين يحملون السندات ، بل يمتد الذعر إلى باقي المستثمرين من الأجانب في هذه الدولة ، ما يؤدي إلى سحب الإستثمارات ، ولا طالما إعتبرت السندات الحكومية الأمريكية أصولاً خالياً من المخاطر ، ولكن أزمات العالم المالية غيرت هذا المفهوم ، فالدين العام للولايات المتحدة يفوق (17) تريليون دولار وهو يمثل أكثر من (20%) من إجمالي ديون حكومات العالم ، ويحمل أكبر الإقتصادات في القارة الأوروبية – الألماني والفرنسي – ما يقارب (3) تريليون دولار من الدين العام ، وفي آسيا يرزح الإقتصاد الياباني تحت حمل ثقيل بنحو (10) تريليون دولار من الديون .
أما الصين فلديها من الدين العام ما يقارب من (4) تريليونات دولار ولا يمكن أن نقدر مدى خطورة الدين العام إلا إذا قارنها بحجم الإقتصاد أو الناتج المحلي الإجمالي .
تعتبر اليابان أكثر دول العالم مديونيه نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي ، إذ يمثل الدين العام الياباني أكثر من ثلثي الإقتصاد ، ويمثل حجم الدين العام في الولايات المتحدة (74%) من الناتج المحلي ، و (78%) في ألمانيا ويرتفع إلى أكثر من (171%) في اليونان .
وتعتبر المملكة العربية السعودية أقل دول العالم من حيث الدين العام نسبة إلى الناتج الإجمالي الذي بلغ نسبة (2.7% )عام 2013 م ، وأما مصر فيشكل دينها العام (90%) تقريباً من ناتجها المحلي .
تختلف النسب والمبالغ ويبقى الثابت أمر واحد … وهو أن مديونية الحكومات عبء غير مباشر على واقع ومستقبل شعوبها .
نتحدث هنا عن الحرب الغير متماثلة ، وبغض النظر ما إن كنا مستعدين لها أم لا ، نريدها أو لا ، إنها هنا ، إنها معنا .. إننا مشاركون بهذا الحرب الغير متماثلة وبالإكراه على قبول إرادة العدو .
في الماضي ، الحروب كانت بين الدول العظمى ، أو بين تحالفين دوليين للإستيلاء على منطقة ، أو الدولة كلها ، لكن التجربة الحالية وخلال العشرين عاماً الماضية وجدنا أن الحروب غير متماثلة للإستيلاء على مقدرات وأموال الشعوب الضعيفة بسبب الديون المتراكمة على تلك الدول العظمى كالولايات المتحدة على سبيل المثال .
نحن ما زلنا محصورين في الطرق التقليدية وفي طريقة تفكيرنا ، لكن اليوم شاركنا وبغض النظر ما أن كنا نريد أن نعترف بهذا أم لا ، ويجب أن نعترف أننا وقفنا وساندنا ودعمنا الطرف الآخر ، وكان الهدف الحقيقي من وراء هذا هو تنفيذ إرادة العدو .
القاسم المشترك في كل هذا هو ما نطلق عليه “زعزعة الإستقرار” على أمل بقاؤنا على حساب الآخرين ، مقدراتنا وأموالنا كلها عندهم ، ليس حباً ولكن خوفاً وإرهاباً .
والله المستعان ..