جاء قرار اللجنة التشريعية بمجلس الأمة بالموافقة على اقتراح منع الطلبة من العمل السياسي مفاجئا للجميع خصوصا انصار الحرية والديموقراطية ممن يؤمنون ايمانا مطلقا بأن الطلبة في كل ارجاء المعمورة تقع عليهم مسؤولية كبيرة في توعية المجتمع والنهوض به.
فالعمل السياسي في مقاعد الدراسة أمر مطلوب لخلق جيل يعي اهمية مشاركته في بناء وطنه والحفاظ عليه حسب منظوره وفكره الخاص به.
اذكر جيدا اثناء دراستي بالولايات المتحدة كيف ينشط الطلبة الامريكان والاجانب في الانشطة السياسية المختلفة، فالطلبة المحافظون في تفكيرهم يؤيدون الحزب الجمهوري والطلبة الليبراليون يدعمون الحزب الديموقراطي، اما اليسار الامريكي من احزاب اشتراكية او شيوعية فهم يتخذون مواقف تدافع عن حقوق الاقليات المضطهدة وضد تدخل الولايات المتحدة في حروب خارجية، على المستوى الشخصي لقد مارست السياسة منذ كنت طالبا في الثانوية حيث تأثرت بالتيار القومي في الستينيات واصبحت بعثيا، وعندما درست في الولايات المتحدة بدأت أدافع عن القضية الفلسطينية واتظاهر ضد الحرب الامريكية في فيتنام، لكن عندما كبرنا وعملنا اصبحنا نفكر بطريقة مختلفة عن السابق، اصبح تفكيرنا وطنيا ذا نهج ليبرالي انساني ندافع عن قضية الحريات في كل مكان.
حتى هذه اللحظة لا اعرف الدوافع والاسباب التي دفعت باللجنة التشريعية في المجلس لاقرار مقترح بقانون يمنع العمل السياسي بين الطلبة.
طلبة الكويت تاريخيا معظمهم مسيس، فالبعض منهم شكل احزابا وحركات سياسية ذات نهج قومي مثل الدكتور احمد الخطيب والبعض الاخر كانوا فاعلين في تيارات الإسلام السياسي المختلفة.
نحن على يقين بأن طلبتنا مهما كانت اتجاهاتهم قومية ليبرالية او إسلامية عليهم ان يتخذوا نهجا وطنيا اولا ويراعوا مصلحة بلدهم.
تعدد الانتماءات الفكرية والايديولوجية امر مطلوب وضروري وطبيعي يمر به كل انسان، لذلك نرفض وبشدة تقييد العمل الطلابي فمن حق الطلبة ان يختاروا الخط السياسي الذي يريدونه شريطة الا يكون عملهم ذا نهج قبلي او طائفي او ديني متعصب لأن اي حركة سياسية عليها ان تضع في الاعتبار مصلحة الوطن اولا.
مع انني اختلف فكريا مع الاخوان المسلمين الذين يهيمنون على الاتحاد الوطني لطلبة الكويت منذ اكثر من ثلاثين عاما الا انني ارفض تقييدهم ومنع انشطتهم، فالديموقراطية تتطلب من الجميع الايمان بالرأي والرأي الآخر مهما كانت طبيعته، لذلك اعتب على طلبتنا الذين يجمعون التواقيع في الجامعة من اجل ابعادي او طردي من الجامعة..فما دام الاخوان المسلمون وصلوا الى مقاعد الاتحاد عن طريق الاقتراع الحر، فعلى الجميع احترام ارادتهم الطلابية ولا يمكن ابعادهم الا من خلال الانتخابات..الطريقة الوحيدة لابعاد الاخوان عن الاتحاد هي العمل مع الطالبات اللاتي يشكلن %70 من الطلبة في الجامعة.
فاذا كانت الطالبات في الجامعة لا يعين مصالحهن السياسية والمدنية ويصوتن للتيارات الإسلامية التي تحاول ابعادهن واقصاءهن عن المجتمع فنحن امام اشكالية قلة وعي الطلاب والطالبات في مجتمعنا.
والطريقة الوحيدة امامهم لنيل مصالحهم هي ممارسة السياسة في الجامعة بوعي وشفافية ومصداقية بعيدا عن الشعارات الزائفة واستغلال الدين في العمل السياسي.