طريف جدا ان تراقب كيف تعامل رواد التواصل الاجتماعي عندنا مع حادثة التصادم، التي كادت ان تقع فوق الاجواء الباكستانية، بين احدى طائرات شركة الخطوط الجوية الكويتية واحدى طائرات الطيران الماليزي. الخبر كما ورد هو ان عاملا في احد مطارات باكستان ارتكب خطأ، كاد ان يؤدي الى تصادم بين الطائرتين. بقية الخبر ان جهازا للسلامة مزودة به الطائرة الكويتية قام بتنبيه الطيار الكويتي، الذي استجاب بتحويل مسار الطائرة. والابتعاد بها عن مسار الطائرة الماليزية، وبالتالي تجنب التصادم المحتمل.
المفروض ان هذه حادثة عادية، لان تفاصيلها وخطورة الوضع لم تتضح بعد. والمفروض ايضا ان تكون عادية، لان جهاز الانذار المزودة به الطائرة الكويتية ــ هذا حسب قراءتي للخبر ــ هو الذي قام بتحذير الطيار، الذي استجاب بتحويل مسار طائرته وتفادى الاصطدام المتوقع. يعني «البطل» هنا هو جهاز الانذار. والطيار لم يقم سوى بواجبه. والذي يُحسب له انه كان صاحيا ومؤديا جيدا لعمله، وهو ما هو متوقع من شخص مسؤول عن ارواح المئات من الناس.
لكن طبعا اسم الطيار احمد عاشور. يعني شيعي، والشيعة هذه الايام يعانون او هم يعتقدون انهم يعانون من الاضطهاد. وهم محاصرون ومتهمون بعدم الولاء والعمل ضد بقية المواطنين، لهذا كان لابد من تداول الحادثة بشكل مختلف، وعرضها بما يتناسب والجو الحالي الذي اثارت غباره «عاصفة الحزم».
مؤسف جدا ان يضطر مواطنون الى التعلق بهكذا حادثة لاثبات مساهماتهم وتبيان اخلاصهم للبلد. والمؤسف اكثر ان يربط البعض بين اداء الطيار لعمله ومواقفه السياسية. فمحاولة التسامح معه بحجة انه انقذ ارواح مواطنين كويتيين، لا تقل خطأ عن محاولات الاطراف الاخرى الانتقاص من عمل ووظائف المواطنين، ممن ابدوا آراء معارضة للنظام او الحكومة. فالانسان يجب ان يحاسب على ما يرتكبه من افعال دون النظر الى اصله او فصله او نشاطه الاجتماعي او السياسي.
المزعج هنا.. ماذا كان سيكون موقف المتطرفين ممن يدعم عاصفة الحزم، لو ان الطيار «الشيعي» اخفق في تفادي الحادث؟.. ان التفكير في الاحتمالات لوحده اكثر من مرعب!