اللجنة التشريعية في مجلس الامة وافقت مشكورة ــ مع وقف التنفيذ ــ على إلغاء عقوبة الحبس من قانون المرئي والمسموع. ووقف الشكر يعود لسببين، الاول شكلي، وهو لان اللجنة ربطت الالغاء بحالات معينة او بالحالات الضعيفة حسب وصف مقرر اللجنة.
وهذا يعود بنا الى الداء الذي تميزت به القوانين الكويتية، وهو التعميم وعدم الوضوح. إذ من سيقرر الحالة «السمينة» من الحالة الضعيفة..! ونحن هنا لا نشفق على السادة رجال القانون من قضاة ومحامين، ممن سيتولون توجيه التهم او الدفاع عنها هنا. فهؤلاء يبقون خبراء واصحاب شأن، لهم طرقهم ووسائلهم العلمية لاختبار وتصنيف القضايا. لكننا هنا نشفق على المواطن، موضوع القانون، الذي سيبقى في حيرة في تحديد ما سيطرحه. ما إذا كان رأياً «سميناً» سيعاقب عليه ام «غثاً» لن يثير انتباه احد. اي ان المواطن في النهاية سيبقى متهيبا او معلقا. فلا هو حر في التعبير عن رأيه ولا مقيدا ومكبلا بعقوبة الحبس. اي ان اللجنة التشريعية «ضحكت» علينا، اقنعتنا بانها ألغت عقوبة الحبس، بينما العقوبة باقية، وما على من يريد قمع حرية الرأي الا ان يتشدد في التفسير.
الامر الآخر ان القمع هو القمع. ومصادرة حرية التعبير تبقى واحدة. تمت بالحبس كوسيلة او بالغرامة او حتى بالنهي والزجر. ففي النهاية تبقى حرية الرأي وحق التعبير مكبلين ومقيدين وخاضعين لتوجه الاغلبية المتغلبة وطغيان عقائدها وتراثها الذي تجتهد للحفاظ عليه.
ما هو مطلوب وضروري هو تغيير وجهة النظر الاجتماعية تجاه النقد والتفكير والبحث العلمي. وتحرير كل هذا من وصاية العقائد والمذاهب والتقاليد، التي لا تتناسب على الاطلاق ــ اي الوصاية ــ مع الحرية والديموقراطية المنشودة هذه الايام في كل مكان.
الغاء عقوبة الحبس لا يحرر الناس. بل يتيح للقوي ان يستعبد الضعيف، والذي يستطيع دفع الغرامة سيفرض رأيه على من لا يملك امكانية دفعها. اي انه في الواقع يبقي التقييد ساريا على حرية الرأي. والادهى والامر هنا هو انه يضيف اليه التمييز بين الناس ويوفر للغني ما لا يتوافر للفقير. الفقير الذي سيبقى الحبس مصيره في نهاية الامر، لانه لا يملك دفع الغرامات الباهظة التي يتضمنها قانون المرئي والمسموع.