الضوابط الجديدة التي اقترحتها الحكومة لتولي الوظائف القيادية مضحكة مبكية، وكنت أتمنى أن تكون التعليقات على هذا المقترح من بعض المغردين مجرد سخريات فكاهية على إشاعات كذبة أبريل، ولكن تبين بالفعل أن هناك مشروع مرسوم قد تم اعتماده في مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة حول هذا الأمر.
بالتأكيد نحتاج إلى معايير وضوابط تضمن حسن الاختيار في المناصب القيادية العليا، والأهم من ذلك جودة الأداء وميزان الحساب بثوابه وعقابه، ومشروع الحكومة الجديد لم يتضمن على الإطلاق ما يوحي بالرغبة الجادة في الإصلاح السياسي والإداري، فما ذكر لا يتعدى سنوات الخبرة وتقدير امتياز في آخر سنتي عمل، إضافة إلى الشرط الغريب وهو الإلمام باللغة الإنجليزية!
ماذا لو كان لدينا فطاحل وخصوصا في القانون، ومن خريجي أرقى الجامعات الفرنسية كالسوربون، أو من خريجي الجامعات الألمانية والسويدية واليابانية والسنغافورية التي تتربع تجاربها على قمة التنمية والإبداع والتطور؟ وما مصير أبنائنا المبتعثين حسب خطة الدولة الحالية إلى مثل هذه الدول لمواصلة تحصيلهم العلمي؟ وكيف يقيّم مستوى اللغة الإنكليزية عند المسؤولين الكبار؟ هل يطلب منهم مثلاً شهادة التوفل، وهل تعرض نتائجهم في اختبارات اللغة على الملأ؟ أو يطلب منهم إجراء مقابلة شخصية وتقديم عرض أداء بالإنكليزي أمام مجلس الوزراء؟ للعلم فإن اللغة الإنكليزية أصبحت ثقافة مجتمعية عامة يجيدها معظم الكويتيين إما بالدراسة أو السفر أو بمتابعة وسائل الإعلام الحديثة، كما أن التقنيات العالمية الراهنة والترجمة الفورية لا تجعل على الإطلاق من اللغة عائقاً أمام الأداء الوظيفي واتخاذ القرار حتى يكون شرطاً مصيرياً للمفاضلة في التعيينات العليا.
كنا نتمنى بعد السنوات الطويلة من المطالبة بالإصلاح والتصريحات الكثيرة الواعدة بهذا الإصلاح أن تتبنى الحكومة معايير الجودة والكفاءة مع مراعاة العدالة الاجتماعية كمنطلقات دستورية، وتجعل منها قواعد قانونية ذات قيمة، وأن تكون هناك جدية مسؤولة في تدشين قطار الإصلاح.
أليس الأولى أن تتبع الحكومة معايير الكفاءة والصلاح وسجل الأداء وتميزه، والإنجازات السابقة والرؤية المستقبلية لمثل هذه المفاضلة؟ أليس الأبدى أن تكون الذمة المالية والإخلاص والمهنية الإدارية أساساً للمسؤوليات العليا؟ أليس من الأجدى إلغاء ثقافة “من أمن العقوبة أساء الأدب” في سجلات الدولة وإشعار المسؤول بأنه سوف يلاحق ويحاسب ويعاقب متى ما أساء استخدام السلطة أو أخفق عن عمد في أداء مهام عمله؟ مع ذلك كله، نأمل أن تكون الحكومة هي القدوة في اقتراحها الجديد، وأن يعقد وزراؤنا الأفاضل مؤتمراً صحافياً تغطيه وسائل الإعلام لطرح برنامجهم وخططهم المستقبلية، وأدائهم اليومي باللغة الإنكليزية وعبر أجهزة “اللاب توب” أو “الآي باد” بشكل أسبوعي ليحولوا ثقافتنا الإدارية إلى الإنكليزية ما دامت متطلبات المستقبل سوف تسير بهذا الاتجاه الإصلاحي المبدع!