لم يعد خافيا ذلك المخطط التوسعي الذي يسيطر على العقلية الإيرانية بأفقها التحريضي والطائفي، الذي تحدثنا عنه منذ سنوات، وقد زاد تفكيرها اللاعقلاني بسبب تحالف الغرب واحتضانه لها خلال السنوات العشر الماضية، ولا يزال- وإطلاقه ليدها في لبنان عبر حزب الله، وفي العراق ببسط هيمنتها عليه بتواجدها فيه وإدارة شؤونه، وفي سوريا إذ ان إيران وجيشها وفي معيتها – حزب الله- هي من يقود المعارك الميدانية نيابة عن الأسد ونظامه، وكل ذلك دفع إيران لأن تكون طرفا متدخلا وبشكل مباشر في دعم الحوثيين للسيطرة على اليمن حتى تفرض هيمنتها فيه.
تصريح سعود الفيصل المزدوج جاء صاعقا ومنذرا للتمادي الإيراني المدمر والخطير، فقد وجه رسالة للغرب بان الاتفاق على برنامج إيران النووي- والمقصود التسامح معها لحين امتلاك قدرة إنتاج قنبلة ذرية – سيكون مبررا الآن لبدء برنامجنا النووي، وهي إشارة على القدرة بإنتاج وتملك قنبلة نووية بفترة وجيزة. كما وجه رسالة لإيران بعبثها التدخلي باليمن ورفض دورها فيه – ومن ورائها حزب الله وتصريحاته عنها بالوكالة – مهددا لها بعبارة عاقلة لكن واضحة. «لسنا دعاة حرب لكن إذا قرعت الحرب طبولها فنحن لها». وقد يفوت البعض إدراك أن تصريحات الفيصل لم تعد تمثل السعودية فقط وإنما تشمل دول الخليج والدول المتحالفة معها في «عاصفة الحزم»، بل ومعظم الدول العربية التي بلورت موقفها بقرارات القمة الأخيرة بدعم «عاصفة الحزم باليمن»، وإنشاء «قوة تدخل سريع عربية» خصوصا بعد أن استقر الرأي أن يكون مقرها «الرياض».
إن تغييرا واضح الملامح والأبعاد في المشهد السياسي والعسكري، بل والاستراتيجي للدول الخليجية والعربية بدأت تتكامل صورته، بدايته اليمن، ولن يقف عنده، خلاصته أن الرياض تقود قرارات الحزم المؤكدة على استقلال الإرادة العربية في اتخاذ قرارات ومواقف لحماية مصالحها والدفاع عن نفسها واستقرارها، من دون أن تنتظر اذنا مسبقا، في إطار شرعية قانونية تمنحها الحق بذلك وتنسق مع الجميع وفقا لها، وقد لاقى ذلك صدى ترحيبيا واسعا من الشعوب العربية وأنظمتها أيضا.
إن الغرب مطالب اليوم باتخاذ خطوات عملية تعكس إدراكه لأخطائه المتتالية، أو لسياساته غير المبالية التي حولت إيران «لجنون الهيمنة» وبفكر «توسعي»، وبتمدد سياسي والأخطر «عسكري» غير مسبوق بالمنطقة، وأن يسهم بإعادة التوازن للمنطقة بعد إفلاته لخطامها فترة أفرزت الدمار واللااستقرار بالعبث الإيراني، بدايته لجم مخططها «النووي» ولزومه وقف دعمه العسكري والسياسي، قبل فوات الأوان.