أكثر ما يغضب الإنجليزي أو الفرنسي أن تقول «ألمانيا.. قلب أوربا» فهي بالفعل كذلك جغرافيا لكنهم يرفضون هذه الجملة لتاريخ العداء الطويل ..بينهم!! الفرنسيون لديهم ثلاثمائة نوع من الجبنة والإنجليز لديهم ثلاثمائة نوع من الويسكي والألمان لديهم ثلاثة آلاف نوع من البيرة ليس هذا فحسب فالإمبراطور الفرنسي الشهير «نابليون» لبس العمامة والجبة والقفطان وضحك على المسلمين البسطاء في مصر وذهب إلى الأزهر وجلس يستمع إلى مواعظ المشايخ ! الإنجليز أولاد «ستين في سبعين» غاصوا في الشرق والغرب واشتروا تسعة أعشار علماء الشيعة والسنة حين ابتدأ استعمارهم للوطن العربي قبل اكثر من مائة عام من أصغر قرية على بحر قزوين شمالا وحتى أخر ميناء بحري في جزيرة العرب جنوبا !
الألمان أيضا لم تتجاوزهم اللعبة وهم في رحلة التنافس الطويلة والتاريخية مع جيرانهم حيث قرر «غليوم الثاني» ملك بروسيا وامبراطور ألمانيا واسمه الحقيقي «فريدريك فيلهلم» المولود في برلين عام 1859 أن تصبح بلاده مركزا «للجهاد الإسلامي» !! ألمانيا المسيحية التي تنتج ثلاثة آلاف نوع من البيرة «اللي تسرسح على القلب» كما قال سعد الفرج لخالد النفيسي في مسرحيتهما الشهيرة قررت أن «الإسلام دين الجهاد » فأصدرت جريدة بهذا الإسم في برلين كانت «تحث المسلمين على عدم نسيان تلك الفريضة الهامة في الدين الإسلامي من أجل نيل الحرية من.. المستعمر البريطاني والفرنسي»!!
اذن كان الهدف من تبني «الإسلام الألماني، هو ضرب الدول الاستعمارية مثل فرنسا وانجلترا في مستعمراتها ببلاد الشام !! زار «غليوم وزوجته» العاصمة العثمانية «إسطنبول» عام 1898 واستقبله السلطان عبدالحميد الثاني بكل حفاوة وتقدير ثم زار سوريا ووضع على قبر «صلاح الدين الايوبي» إكليلا من البرونز وأشاد ببطولاته في الحرب الصليبية ، فانفجر «مطاوعة» بلاد الشام ومصر حماسة وتقديرا لهذا الألماني «المسلم وإن لم يكن بمسلم» وصاروا ينادونه بـ«الحاج غيليوم» وكان مفتي العثمانيين واسمه «مولانا الشيخ مصطفى خيري أفندي» قد صعد به إلى مصاف.. أنصاف الآلهة!! كان «إسلام» المانيا سياسيا الهدف منه كسب ود العالم الاسلامي المتمثل في الدولة العثمانية لضرب الانجليز والفرنسيين ، لكن هؤلاء ردوا «الطراق طراقين» حين ضحكوا على الشريف حسين – شريف مكة – ووعدوه بأن يجعلوه ملكا على الدول العربية إن قام بتشجيع العرب على إحياء «القومية العربية ومقاومة التسلط التركى! الألمان ضحكوا على المسلمين والانجليز ضحكوا على العرب والنتيجة؟ كما يقول المثل الشامي: لا مع ستى ، ولا مع .. سيدي»! اشتعلت الحرب العالمية الأولى فقاتل العرب مع الانجليز وقاتل المسلمون من غير العرب مع الألمان!! «غليوم وعبدالحميد» حصلوا على هزيمة «خمس نجوم» ولم يحقق الانجليز إلا واحد بالمائة من وعودهم للشريف حسين فتدهورت حال أمة الإسلام والمسلمين من سيئ إلى أسوأ حتى ظهر المرشد الدجال حسن البنا عام 1928 في مصر وتحت رعاية الإنجليز الذين يحتلونها قائلا إنه «أسس جماعة الإخوان المسلمين حتى يعيد الإمبراطورية العثمانية» مع انه لم يمض سوى سنوات أربع على سقوطها بيد البريطانيين والمصيبة أنه وجد جماهيرا وشعبية صدقت أن الإنجليز الذين أراقوا دماء أبناء إمبراطوريتهم ودماء أبناء مستعمراتهم وثرواتهم جميعا من أجل إسقاط «عبد الحميد أفندي باشا» سوف يسمحون لهذا المدرس التعيس المسمى بـ«الساعاتي» أن يعيد بناءها مرة أخرى!!
المسلمون الأوائل كانوا أذكياء فسادوا العالم أما مسلم هذه الأيام فقد أكله الجهل وشبع منه .. الفساد فحق علينا قوله تعالى في سورة الحشر«ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.. «صدق الله العظيم ».