في عام 1986 تم حل مجلس الأمة ووصل الرقيب التابع لوزارة الإعلام إلى مباني الصحف اليومية السبع -في ذلك الوقت- خمس عربية واثنتان بالإنكليزية «كويت -تايمز» و«آراب -تايمز» الأولى مملوكة للزميل الراحل يوسف العليان والثانية للزميل أحمد الجارالله ! الحكومة ارتأت أن أفضل بديل للديمقراطية و«عوار الراس هذا» هو اختراع جديد اسمه «ديوانيات الوزراء كل يوم اثنين» وتكون نهارية يجلس فيها معالي الوزير منذ التاسعة صباحا حتى الثانية ظهرا ليستقبل شكاوى المواطنين ويجد «لها حلول مناسبة » ! بالمناسبة فإن الحكومة دائما تجد الحلول المناسبة لكل مشكلة لكن لسبب مجهول لا دخل لإرادتها فيه .. فإن المشكلة لا تنحل !! المهم قالت الحكومة للناس : «البرلمان الحقيقي هو ديوانية الوزير النهارية» وحرية الصحافة الحقيقية هي ديوانيات الناس المسائية ! الوزير يسمع كلام الناس نهارا وديوانيات الليل «يفضفض» فيها الجميع عن غضبهم بالهذرة الزائدة و.. الشتائم !! وحتى لا تفهمني الحكومة بصورة خاطئة فإن الكويتي عندما يشتم فهو لا يقصد بالضرورة الإساءة بل المدح أحيانا خاصة حين يشتم لاعب كرة قائلا عنه: «يلعن والديه والله خوش لاعب»! وتلك أخف شتيمة يسمح بها قانون الإعلام الالكتروني !.
مقدمة صغيرة ما سبق من سطور كانت ضرورية لآتي على ذكر رغبات ملحة ومتكررة كان يبعثها لنا في الصحف السفير الأميركي في ذلك الوقت قبل حوالي ثلاثين سنة مبديا رغبته في مساعدته على زيارة دواوين اهل الكويت الليلية للتواصل معهم لكنهم لا يرحبون به كثيرا بل يفضلون سفير الاتحاد السوفياتي «السابق» وهو رجل ظريف ويتحدث العربية بلهجة مصرية محببة فقد عمل في سفارة بلاده في القاهرة لأكثر من عشر سنوات في زمن جمال عبد الناصر وبضع سنوات أخرى إبان مرحلة السادات والكويتي قبل الغزو كان رجلا تقدميا وليبراليا يقف مع موسكو لأنها تناصر الحق العربي والحق الفلسطيني وتؤيد قضايا العرب في المحافل الدولية أيام كان عندنا قضايا قومية مشتركة وليس مثل الآن «أنت ناصبي .. انت رافضي .. انت ابن متعة .. انت ابن أرندلي . انت جامي .. انت سروري.. انت هيفائي وهبي ..انت نانسي عجرمي».. وهلمجرا !!
دعانا السفير السوفياتي – الرجل الظريف إلى عشاء في منزله وكان يسكن في منطقة «النزهة » الجو «لندني» أوائل نوفمبر كنا مجموعة من الزملاء لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة العشاء سمك «روسي» وكافيار من البحر الأسود و«حبار» – أو «خثاقي » كما نسميه – وشوربة ذرة و«خبز موسكوفي» لو ضربت به رأس يهودي ..لأسلم ! سألني السفير السوفياتي ونحن في بداية تذوق طبق شوربة الذرة -«هل تعلم بأن الولايات المتحدة الأميركية قلعة الرأسمالية في العالم لديها حزب ..شيوعي»؟! قلت له «نعم» فقال : «الكثير من الناس لا يعلمون ذلك حتى وهم في داخل أميركا نفسها » وسؤالي الثاني لك: كم عدد أعضاء الحزب المسجلين »؟! قلت: عندي معلومة عابرة استقيتها من كتاب تقول إنهم حوالي نصف مليون أميركي !! ضحك السفير ضحكة طويلة ومجلجلة وقال: إن أربعمائة وتسعة وتسعون ألف منهم هم عملاء للمباحث الفيدرالية والمخابرات المركزية واحد فقط هو شيوعي حقيقي وهو رئيس الحزب ولم يعجب واشنطن ان لديهم 99.9 % من أعضاء الحزب بل يريدون حتى الرئيس أن يصبح عميلا ..لديهم !
تشعب الحديث مع سفير القوة العظمى في ذلك الزمن لأمور كثيرة منها الحرب العراقية الإيرانية التي كانت في قمة اشتعالها والتسليح الإيراني وحرب الناقلات ورغبة موسكو في إقامة علاقات مع السعودية ودول الخليج إلى اخره سنجد لها مجالا في وقت أخر لنتحدث عنها كلها بالتفصيل …الممل!! ما دام 99.9% من أعضاء الحزب الشيوعي الأميركي عملاء للمخابرات الأميركية فكل هذه الآلاف المؤلفة من المقاتلين الذين ينضمون إلى «داعش» ويأتون من اميركا ودول أوروبية وحتما من إسرائيل بعد وصول فتاة يهودية اسمها ساره تحمل الجنسية الفرنسية «المزدوجة» مع الاسرائيلية لتقاتل مع «داعش» يعني ان دولة الخلافة الإسلامية التي نفخت في روحها قطر وكستها تركيا بالعظام وغطتها واشنطن بالدعم وفتح لها العراق كل أرضه .. ليست إلا فرقة من الجيش الأميركي جاءت ومعها خرائط لترسم بها حدود «الدولة الجديدة » في شرقنا الأوسط ..التعيس !!