ما الفارق الحقيقي بين قيام المتشددين الاسرائيليين بإغلاق المسجد الاقصى ودعوة متشددينا، وعلى رأسهم د.القرضاوي، الى طلب عدم زيارته بحجة انه تحت الاحتلال؟ ما ادى الى الاضعاف الشديد للوجود الاسلامي في القدس، ومعه شكوى مريرة استمعنا اليها من المقدسيين بعدم قدرتهم على الصمود في ظل المقاطعة العربية والاسلامية لهم والمجحفة في حقهم، خاصة في ظل غياب خطة لتحريرهم!
****
وقد زار رسول الامة صلى الله عليه وسلم مكة وهي تحت يد الكفار، كما زار القدس في «الاسراء والمعراج»، وكانت تحت حكم الرومان، كما اوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بشد الرحال الى مسجدها قبل فتحها، اي كانت كذلك تحت الاحتلال، كما احتل المسجد الاقصى لمدة 200 عام من قبل الصليبيين ولم يهجره العرب والمسلمون ولم تصدر «فتوى واحدة» من كبار علماء المسلمين طوال قرنين بتحريم زيارته مادام تحت الاحتلال.
والحال كذلك مع الدول العربية والاسلامية التي احتلت واحتلت معها بالتبعية مساجدهــا التاريخية الشهيرة، فقــد احتل الانجليز مصر عام 1882 بعــد ثورة عرابي، كمــا احتلت العراق وبلاد الشام ودول المغرب العربي واصبح الدخول للدول والمساجد بالتبعية يمر بالإذن من المحتل، ولم تصدر فتوى بتحريم زيارة بسبب ذلك الامر، فلماذا استفرد بعض متشددينا المسجد الاقصى بفتــاواهم الغريبة والشاذة التي تثير الريبــة في دوافعها خاصة مع الحقائق التي تتكشف تباعا؟!
****
ان علينا ان نفرق في موضوع زيارة الاقصى وغيره بين «الفتوى الدينية» التي يجتهد العلماء للوصول للرأي «الشرعي» فيها، و«الفتاوي السياسية» التي تقوم على معطيات خافية قد يقصد منها تماما عكس ما يقال، فواضح ان مقاطعة القدس ومسجديها الاقصى والصخرة لمدة قاربت نصف القرن لم تكن على اسس شرعية كما تسببت في إضعاف شديد لمسلميها وحرق احد مسجديها (1968) ومصادرة اراضيها، وقد حان وقت صدور فتاوى شرعية حقيقية تحث المسلمين على زيارة القدس ودعم صمود اهلها وتفند فتاوى الجالسين على الارائك ممن يضرون بالاقصى ويدمرون القضية الفلسطينية ويسفكون دماء ابنائها بمواقفهم السياسية المخادعة وفتاواهم غير الشرعية.
آخر محطة:
(1) في الطريق الى القدس يستحق الامر زيارة الضفة الغربية لدعم صمود اهلها، فزيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان.
(2) في الخلاصــة كيف تصبــح اوامرهــم بإغـلاق المسجدين حراما وفتــاوى متشددينا بالمقاطعة التي تؤدي تماما إلى النتيجـة نفسها حــلالا؟! فلــم نُصَل في المسجدين إبان زيارتنا لهما الا وبالكاد وجدنا صفا او صفين من المصلـين!