علي محمود خاجه

«أسامة شقاعد تقول؟!»

"يجب عدم مواجهة المخاوف المشروعة من الأطماع الإيرانية التوسعية بطريقة عكسية، عن طريق تحطيم القوى التقليدية للمجتمع مثل الإسلاميين والقبائل، وإنما يجب أن تتجه الحكومات نحو التعاون معهم وتعزيز وجودهم وتكريس قيم المشاركة الشعبية، حتى يكونوا سنداً طبيعياً لحكومات المنطقة مثلما كانوا على مدى الفترة السابقة". هذا ما جاء على لسان الأستاذ أسامة الشاهين عضو الحركة الدستورية الإسلامية في معرض رده على بيان وزارة الداخلية السعودي حول تصنيف بعض الجماعات بالإرهابية في صحيفة "الراي" في عدد الاثنين الماضي. لن أتطرق أبداً إلى نظرية الأطماع الإيرانية التوسعية التي جاءت في رده، فهي في النهاية نظرية يحب أسامة ومن معه أن يتبنوها دون تقديم الدلائل المنطقية لإثباتها، وهي برأيي الخاص ليست سوى الوقود الذي استهلكوه لضمان استمرار وجودهم بقوة، ولكن ما يعنيني حقاً هو الشطر الثاني من رد الأستاذ أسامة عضو الحركة الدستورية الإسلامية وأحد ممثليها في أكثر من انتخابات نيابية، وهو الشطر المتعلق بوجوب تعزيز ما أسماه القوى التقليدية للمجتمع مثل الإسلاميين والقبائل! فإن سلمنا جدلاً بأن ما يقصده الشاهين بالإسلاميين في تصريحه هم القوى السياسية التي تتبنى الطرح الديني من الفئات المختلفة سنية كانت أو شيعية، سلفية أو إخوانية أو غيرها، وإن كنت أستبعد أن يكون هذا قصده لما عهدته من جماعته من إقصاء واختزال للدين في كياناتهم فقط، ولكن سأسلّم دون قناعة طبعا بأنه يقصد جميع التيارات الدينية بمعتقداتها المختلفة. ولكن ما لا أفهمه أبداً هو مطالبة الأستاذ أسامة بتعزيز وجود القبائل، وبالطبع فهو يقصد الشق السياسي وليس الاجتماعي للقبائل، فالوجود الاجتماعي للقبائل لا تستطيع الحكومات التحكم فيه، وهذا ما يعني بأن الشاهين يسعى إلى تعزيز دور سياسي لفئة يجب ألا يعزز دورها سياسياً أصلاً، بل يجب أن يكون الوضع على النقيض من خلال انصهار الأصول والعوائل سياسياً على الأقل في تنظيمات لا تنظر إلى الأنساب بل إلى الكفاءة كمعيار، فإن كان منطق الشاهين بأن يعزز دور بعض فئات المجتمع فإن هذا سيبرر للشيوخ مثلاً سعيهم إلى تعزيز دورهم السياسي، وهو ما يرفضه الأستاذ أسامة، وسيبرر لبعض الطوائف أيضاً أن تسلك نفس السبيل، ليتعزز بعدها الانقسام والفرقة. المصيبة أن الأستاذ أسامة الشاهين عضو الحركة الدستورية الإسلامية هو أحد المطالبين كفرد وعضو في تنظيم بالقفز إلى الحكومة المنتخبة فوراً، فإن كان هذا المنطق السياسي الذي يستند إليه أعضاء الحركة الدستورية فالنتيجة طبعاً ستعادل أو تكون أسوأ من الوضع القائم في حال الانتقال الفوري للحكومة المنتخبة، وهو أيضاً يؤكد ما نكرره دائما بأن الوصول إلى الحكومة المنتخبة يتطلب أرضية مهيأة، وإعدادا جيدا قبل تحقيقها، فالشاهين سياسي منذ الصغر في أحد أقدم التنظيمات السياسية الكويتية القائمة، ومع هذه الخبرة التي يمتلكها ينظر إلى الأمور بتلك السطحية، فكيف ستكون حال المواطن غير المتبحر بالسياسة حين القفز إلى الحكومة المنتخبة دون مقدمات جيدة ومقبولة؟

احمد الصراف

نداء لوزير الديوان ونائبه

الجهلة فقط سيعارضون قولي إن الحياة في الكويت جافة غالبا، بسبب افتقاد المواطنين والمقيمين لما يكفي من وسائل المرح البسيط والترفيه الراقي، وأن هناك شحا واضحا في المتع الفنية من معارض وأوبريتات وحفلات موسيقية ومحاضرات قيمة مستمرة، واستضافة كبار أصحاب المواهب والآراء الثقافية للاستفادة من معارفهم. وربما تكون «دار الآثار الإسلامية» الجهة الوحيدة المنظمة التي لا تنقطع أعمالها الثقافية والفنية طوال العام تقريبا، ولا يمكن وصف مقدار التأثير الإيجابي لأنشطة هذه الدار على مجمل الحياة في الكويت، ويعتبرها كثيرون الرئة الثقافية والفنية الراقية الوحيدة، ولا نود هنا أن نبخس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حقه، ولكن أين إمكانات الأخير الهائلة من تواضع قدرات الدار؟
نكتب ذلك بمناسبة ما أخبرنا به صديق محب للفن والأدب والشعر والموسيقى من أن جهة رسمية قامت بالطلب من المجلس الوطني للثقافة بمخاطبة دار الآثار الإسلامية لإخلاء مسرح الميدان بأسرع وقت ممكن، وذلك لفسح المجال لبناء مجمع ثقافي في موقع ثانوية عبد الله السالم الذي يقع فيه «مسرح الميدان»، مركز انشطة دار الآثار.
وبالاتصال والسؤال تبين لنا أن مخططات المتاحف الستة المنوي إقامتها على موقع المدرسة لا تتعارض إلا قليلا، مع مبنى مسرح الميدان، وكان من الممكن تجنب إزالته. وبالتالي كان غريبا ذلك الإصرار على هدم مبنى مسرح قائم، بأسرع وقت، بالرغم مما صرف عليه ليكون بمستواه الراقي والحديث. كما أن طلب المشرفين على الدار لا يزيد على إبقاء المبنى على وضعه، أو على الأقل إعطائهم وقتا مناسبا لإيجاد مقر بديل لأنشطتهم التي يتجاوز عددها المائة سنويا بكثير. كما أن أنشطة الدار الحالية مستمرة حتى الشهر الخامس، ومن المؤسف هدم المبنى الذي لا يضر وجوده أحدا غير من لا يحب الكويت ولا وجهها المشرق، فالهدم سهل والبناء صعب.
وعليه نتوجه باسم كل محبي الدار بنداء لوزير الديوان الأميري ونائبه للنظر بقرار هدم مبنى مسرح الميدان، قبل إيجاد بديل له، لما له من أهمية فنية وثقافية لدى مئات الآلاف من مرتاديه.
• ملاحظة:
نتمنى أن تنهي انتخابات اليوم سيطرة الإخوان المسلمين على جمعية الروضة التعاونية، وان تدخل المجلس دماء وطنية حقيقة، وتكون تلك بداية عودة الكويت لأهلها.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

اللي هذا أوله..!

ربّ ضارة نافعة…!

ولكن كيف للزلزال الذي أصاب خليجنا أن يكون نافعاً…؟!

كنت من أشد المطالبين بالاتحاد الخليجي.. وكتبت مقالات عدة في هذه الزاوية، مطالباً ومؤيداً وداعماً للوحدة الخليجية، وكنا نرد بعنف على القائلين بخطورة الاتحاد على الكويت وديموقراطيتها، وأن التوجهات التسلطية عند البعض ستطغى على أجواء الحريات المحدودة عندنا. وفجأة ومن دون سابق إنذار، يتبدد حلمنا الصغير الذي لم يسعفه الزمن كي يكبر معنا، حلم «خليجنا واحد وشعبنا واحد»! وتتحول الدول الصغيرة في حجمها إلى دول عظمى في تصفية الحسابات بينها، ويظهر حجم الخلاف العميق في قلوب بعضنا على بعض! وتسقط آخر ورقة توت عن جسد القمة الخليجية التي ملأت أسماعنا بعبارات السعي للوحدة والتوافق والتكامل! متابعة قراءة اللي هذا أوله..!

حسن العيسى

إسكان الحبربش

تهت في عمق والتواء أنفاق جمل وكلمات المتكلمين في مؤتمر الإسكان، وانطباعي البسيط من مشاهدة صور الجماعة يبدو لي أنه مؤتمر لعرض بشوت زاهية وفاخرة، وليس لوضع تصورات لحل القضية الإسكانية، وقد أظلم عدداً من الحاضرين أو أبنائهم حين أقول إنهم ليسوا من "الحبربش" الذين يتعين عليهم الانتظار لعشرين وثلاثين سنة للحصول على بيت العمر، فيبدو (من جديد قد أكون ظالماً لهم) أنهم (المؤتمرون أو بعضهم) بجرة قلم على شيك عريض يمكنهم أن يشتروا أرضاً في الضاحية أو الشويخ أو النزهة لابن من أبناء ذريتهم الصالحة بمليون دينار لسكنه مع عروسه بعد قضاء شهر عسل في لندن وباريس، من غير أن يحرقوا دماءهم في محرقة نفسية عن تكلفة بناء دور ثان فوق بيت قديم متهالك ليسكن ابن أحد الحبربشيين الذي تزوج قبل فترة بسيطة، وقضى ثلاثة أيام كشهر عسل بشاليه مستأجر في بنيدر أو جليعة، ويدفع، الآن، نصف راتبه كإيجار شقة في جنوب السرة أو الرميثية وغيرهما من مناطق الناس المعلقين بين السماء والأرض.
لاحظت أن الحاضرين تكلموا عن عرض المشكلة، ولخصوها في ندرة الأراضي "المحررة". فمعظم الأراضي هنا تحت عبودية الدولة، لأن في جوفها بترولاً، وهو خبز وزبدة الدولة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الدولة ستكون عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية فيما لو حررت أرض الولايات الجنوبية لإبراهام لنكن التي هي عبارة عن تلك المساحات الشاسعة من صحاري جافة مثل مشاعر الكثيرين، وتدب فيها الجرابيع والجعلان والعقارب ونمل أسود كبير نسميه بالكويتي "عبو"، يسير في خطوط طويلة متزاحمة كسياراتنا في شوارع دولة "صل على النبي".
هل هناك حلول؟ وماذا قبضنا من المؤتمر؟ بمعنى هل لنا أن نحلم ببصيص أمل في أن تحل المشكلة، أو، وبأضعف الإيمان، حل جزء منها بالحد من طوابير النمل للمنتظرين، أم ان هذا المؤتمر حاله من حال بقية مؤتمرات الاستعراض السياسي، وامتصاص سخط المنتظرين لأجل غير معلوم؟ لا يهم أن تكون الحلول بطرق أبواب القطاع الخاص، أو بحلول القطاع هجين، المهم أن يملك الشباب منزلاً متواضعاً أو شقة معقولة في زمن انتظار معقول، فإن لم يحصل أي من الأمرين، فعلى الأقل سلموهم مفتاح الأمل والحلم.

احمد الصراف

المياه.. والهندية!

“>”>فاز فيلم هندي قصير تحت عنوان «المومس والبكر» بعدة جوائز عالمية، وقصته تتعلق بأمر حيوي، طالما لقي الإهمال التام من شعوب وأنظمة نائمة. يبدأ الفيلم القصير بدخول شاب خجول الى منزل فتاة، طالبا خدمة جنسية بناء على اتفاق مسبق. يفاوض الرجل المرأة على ثمن الخدمة، ولكنها ترفض منحه حتى %1 خصما، فيقبل الشاب الأمر على مضض، وعندما يحين موعد دفع الثمن تبدو على وجه الرجل الغر، وهو يفتح سحاب حقيبة يده، علامات الحذر والحسرة، ويلتفت يميناً ويساراً قبل ان يخرج يده من الحقيبة، وهي تحمل قنينة ماء بلاستيكية ويسلمها للمرأة، فتضمها هذه الى صدرها وكأنها حصلت على شيء ثمين!
رمزية قصة الفيلم تكمن في أن الوقت سيأتي عاجلا أو آجلا، بحيث تصبح مسألة حصول مئات الملايين من البشر على قطرة ماء صالحة للشرب أمراً صعباً جدّاً، وأن خدمات «حيوية» كثيرة ستؤدى مقابل «شربة» ماء. ولو نظرنا إلى بلد مثل لبنان، الذي طالما اشتهر بقمم جباله المكسوة بالثلج، وبتعدد أنهاره، لوجدنا، بسبب سياساته الخرقاء، أن ثمن ليتر الماء فيه أغلى من ليتر البترول، على الرغم من أنه ليس بلدا بتروليا، والأمر ذاته في الكويت على الرغم من أنه بلد بترولي!
ولو نظرنا الى وضع المياه في الكويت لأصبنا بالهلع حقا، فنحن دولة صحراوية، وما لدينا من مياه جوفية عذبة لا تعني كثيراً، مقارنة باحتياجاتنا. كما أن ما يعلن عنه، بين الفترة والأخرى، عن كفاية احتياطيات المياه لكذا شهر لا يمكن – كالعادة – الوثوق بها في ظل إدارة حكومية مترهلة، خاصة أن اعتماد كل سكان الكويت، الذين سيتزايد عددهم في السنوات القليلة المقبلة، على ما تتم معالجته من مياه البحر لا يعتبر مصدرا يمكن الاعتماد عليه دائما. فمياه الخليج تتزايد ملوحتها وتلوثها بشكل مستمر. كما أن كلفة التقطير بارتفاع أيضا. وعليه من الضروري على الجهات المختصة، هذا على فرض أن هناك ما يسمى المختصة في أي شأن، البحث عن مصادر ماء بديلة، وعدم الاعتماد على محطات التكرير أو التقطير، التي قد يؤثر في فعاليتها بشكل حاسم أي تلوث بيئي كبير نتيجة حرب محلية أو حادث نووي في إيران وغيرها.
والحلول الاستراتيجية موجودة ومعروفة وتعمل بها دول كثيرة، خاصة تلك التي لديها نقص في المياه. وربما الحل سهل اليوم، بوجود المادة والقدرة على توفير البدائل، ولكن ستصبح المسألة خطرة عندما يتناقص الدخل من البترول أو تقع كارثة، ولا يسمح الوقت للجوء الى البدائل المتاحة. ندق ناقوس – لا بل نواقيس – الخطر منذ فترة، متمنين أن يسمع صوتها من يفهم!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

عبدالله غازي المضف

لهذا نجح المؤتمر الإسكاني!

طغى الرأي السياسي على الرأيي الفني! ربما كانت ابلغ عبارة خرجت من فم الرئيس مرزوق الغانم طوال حياته البرلمانية وهو يصف حال الشارع اليوم مع القضية الاسكانية! ماذا نقول؟ اراضٍ كثيرة؟ يجب تحريرها؟ قضية مفتعلة؟ ما يبون يحلونها؟ التجار اغلبهم حرامية؟ ملينا وتعبنا وزهقنا وهلكنا: قد تكون جميعها مصطلحات شعبية مشروعه..لكن وين الحل؟ وكيف الحل ان كان معظمنا هنا يعشق الكلام النظري والعاطفي؟كيف الحل ان كنا شعب يظن دائما وابدا ان هناك مؤامرات تحاك في الخفاء والظلام! فان خرج احد ابنائنا بمبادرة ما تربصنا به وشطحنا بخيالنا الواسع الى الافق ونحن نتفنن بفك الشفرات والاسرار ونغوص الى حيث النوايا والضمائر: فان وجدنا بعضاً من الشك صرخنا وهددنا وتوعدنا وشرشحنا وقلبنا عليه الدنيا على عقب: بالله عليكم شلون يشتغلون الناس؟ متابعة قراءة لهذا نجح المؤتمر الإسكاني!

سامي النصف

صدام وشقيقه وحزب الكلام والأوهام!

  في 8/2/1980 عقد الرئيس العراقي صدام حسين مؤتمرا للإبلاغ عن الإعلان القومي لحزب البعث العراقي، والذي تضمن «مبدأ تحريم اللجوء لاستخدام القوة بين الدول العربية»، حيث نص على تحريم استخدام القوة المسلحة من دولة عربية ضد دولة عربية اخرى، وقد وصل القائد الضرورة في عملية التشدد لدرجة تحريم استخدام القوة العسكرية حتى في حالة الدفاع عن النفس بحجة عدم توسيع الحرب وسد الذرائع بحيث لا تبرر دولة عربية- حسب قوله- غزوها واعتداءها على دولة عربية أخرى بحجة انها في حالة دفاع شرعي عن النفس.

***

وطالب الإعلان القومي الصدامي الدول العربية بعزل الدولة المعتدية عن بقية الدول العربية ومقاطعتها سياسيا واقتصاديا والرفض المعلن لسياستها العدوانية، كما عقد صدام مؤتمر صحافي لاحقا قال فيه انه لو استخدم قواته ضد أي بلد عربي لوجب على جميع الدول العربية تجييش الجيوش للحرب ضده (لم يتقيد 11 من حلفاء صدام بإعلانه القومي في مؤتمر قمة القاهرة أغسطس 1990 بل أيدوا سياسته العدوانية وغزوه العسكري للكويت، كما لم يستشهد خصومه بإعلانه القومي ضده).

***

ولم يكتف النظام الصدامي بهذا الكم من الأكاذيب والخداع، بل أصدر شقيقه ورئيس مخابراته وحاكم الكويت العسكري د.إبراهيم سبعاوي الحسن في عام 1987 كتاب أسماه «حل النزاعات بين الدول العربية»، والذي يقال ان كاتبه الحقيقي هو عميد كلية الحقوق في جامعة بغداد آنذاك، وواضح ان سبعاوي لم يقرأ الكتاب الذي امتلأ بالفقرات التي تحرم وتجرم استخدام القوة العسكرية في العلاقة العربية ـ العربية، بل وصل الحال به لرفض خيار التفاوض «الثنائي» كونه- حسب قوله- يعطي للدولة الكبيرة الأفضلية على الدولة الصغيرة، لذا يجب ان تتم عملية التفاوض تحت مظلة الجامعة العربية او الأمم المتحدة.

***

آخر محطة: (1) من المهازل: رفض صدام في يوليو 1990 الأخذ بمقترح الكويت بإدخال الجامعة العربية طرفا في حل النزاع الصدامي ـ الكويتي، مطالبا بقيام مفاوضات «ثنائية» بين البلدين.

(2) ومن المهازل في أغسطس 1990: غزا صدام الكويت بحجة ان ما قامت به من تجاوز حصتها النفطية (أثبت تقرير منظمة أوبيك الصادر في 10 يوليو 1990 ان العراق هو من كان يتجاوز حصته النفطية) بمنزلة اعتداء عسكري كويتي على العراق استحق الرد العسكري، وهو الذي يحرم إعلانه القومي وخطبه المعلنة استخدام القوة حتى عند الدفاع عن النفس!

احمد الصراف

حقيبة الحياة

شعر الرجل، وهو مستلقٍ على فراش المرض، بأن الحياة بدأت تنسلّ من جسده ببطء، وأن ليس بإمكانه فعل شيء، ثم رأى القدَر يقترب، وهو يحمل حقيبة في يده، ويخاطبه، قائلاً: لقد حان وقت رحيلك عن هذه الدنيا، دعنا نذهب. فأجاب الرجل، والدهشة بادية عليه: الآن؟ إن لدي أموراً كثيرة أود الانتهاء منها! فقاطعه القدر: معذرة، ولكن علينا أن نذهب! فسأل الرجل، بصوت يبدو عليه اليأس: وماذا في تلك الحقيبة؟ فقال له: متعلقاتك! فرد هذا، قائلاً: متعلقاتي؟! هل تقصد ملابسي، أموالي؟! فقال القدر: لا، تلك لم تكن متعلقاتك أصلاً، فقد كانت ملك الأرض. فسأل الرجل: إذاً ماذا في الحقيبة؟ ذكرياتي؟ فقال: لا، فهذه تنتمي إلى الزمن. فسأل الرجل: مواهبي؟ فرد هذا، قائلاً: لا، فهذه تنتمي إلى الظروف. فسأل هذا: هل فيها أصدقائي وعائلتي؟ آسف، فهؤلاء لم يكونوا يوماً من متعلقاتك، فهم للحياة. فسأل الرجل: هل بها زوجتي وابني؟ فرد هذا: لا، أنت لم تمتلكهما يوماً، بل انتميا إلى قلبك. فسأل: هل فيها جسدي؟ فرد: هذا لا ليس جسدك، فهو للتراب! فسأل الرجل سؤاله الأخير: هل بها روحي؟ فرد القدر، قائلاً: لا، فهي ملكي. وهنا تناول الرجل الحقيبة من القدر وفتحها فوجدها فارغة تماماً، فقال والدموع تملأ مآقيه: هل تريد أن تقول إنني لم أملك يوماً شيئاً. فقال القدر: هذا صحيح، فاللحظات فقط هي ملكك، وعليك التمتع بها طالما امتلكتها، فالحياة ومضة، ولا تدع أي شيء «تمتلكه» يمنعك من التمتع بتلك اللحظة، وعليك أن تعيش يومك، فلا تنس أن تتمتع بالسعادة، فهي التي تعني كل شيء، فالأشياء المادية ستتركها عاجلاً أو آجلاً وراءك، ولن تبقى لك غير الذكريات. وإن كنت سعيداً في حياتك، فستنهي حياتك بسعادة. وإن كنت تعيساً وملكت كل ماديات العالم، فستموت تعيساً!
وهنا قفز الرجل من فراشه فزعاً، والعرق يتصبب منه، وأخذ يلتفت حوله فوجد ولده الوحيد نائماً في سريره، وزوجته مستلقية تغط في النوم، فتنهد، وقام من فراشه، وذهب الى عمله، وهو يشعر بسعادة طاغية، ويقول لنفسه: كل إنسان تقريباً محكوم عليه أن يصبح يوماً، بدرجة أو بأخرى، «فيلسوفاً»! سعداء الحظ أولئك الذين يكتشفون أسرار الحياة قبل فوات الأوان.
ويجب ألا ننسى أن الثروة التي نملكها هي الثروة التي نصرفها، وليس تلك الموجودة في البنك، فهي ملك الآخرين، ما لم ننفقها!

***
ورد في القبس أن رفع علم ما قبل الاستقلال أصبح يشكل ظاهرة، وعلى السلطات التصدي لها! ونحن نتفق مع مطالبة القبس، إلا أن إصرار البعض على الاعتزاز بعلم ما قبل الاستقلال ما هو إلا رفض مبطن لوضعنا الحالي، وحالة الفساد العام التي تعيشها الدولة برمتها.

أحمد الصراف

سامي النصف

الواسطات والمفاوضات وحل النزاعات!

  عرفت شعوب الأرض منذ الأزل عمليات السلام بين الأمم كوسيلة لترسيخ عمليات التبادل التجاري فيما بينها وهو ما حدث بين الفراعنة والبابليين وبينهم وبين ممالك العالم القديم في آسيا وأوروبا، وقد كانت المنازعات في بدئها عسكرية بحتة ثم تحولت في العصور الوسطى الى منازعات سياسية كان البابا في أوروبا يتدخل شخصيا لحلها وانتهت بعد الحرب الكونية الثانية واستقرار القانونيين وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان إلى أخذ شكل النزاعات القانونية، وإن كان البعض -كحال صدام- كان يدعي المنازعة القانونية حول اتفاقية الجزائر للأخذ بالخيار العسكري ضد إيران والخلاف السياسي مع الكويت للتحول للاعتداء والغزو العسكري.

* * *

وأرى أن «للتوسط» وهو إحدى وسائل حل النزاعات بين الدول متطلبات واستحقاقات عديدة لا ينبغي التحرك دون توافرها منها ضرورة وجود فريقين سياسي وقانوني شديدي الاحتراف والتخصص عند الوسطاء لدراسة:

(1) المطالب المعلنة لكل فريق من الفريقين المتنازعين.

(2) المطالب غير المعلنة (الخفية أو الحقيقية) لكل منهما.

(3) القدرات المتاحة لكل منهما لتحقيق تلك المطالب حيث تكثر في المنطقة المبالغة في المطالب والمبالغة بالقدرات واللجوء للعبة كل شيء أو لا شيء.

(4) قدرة الوسطاء على خلق حل وسط واقعي يمكن قبوله من الأطراف المعنية يحفظ لكل فريق ماء وجهه كما يضمن الديمومة وعدم تجدد النزاع لاحقا.

فريق شديد الاختصاص في القانون الدولي قادر على توفير البدائل في التو واللحظة فور رفض هذا المقترح او ذاك من احد الفريقين او كليهما.

* * *

وقد شهد العصر الحديث مبادرات وعمليات توسط قام بها ساسة وشخصيات اممية نجح القليل منها وفشل اغلبها كاتفاقية ميونيخ 1938 التي وقعها تشمبرلين، ووساطة مبعوث الأمم المتحدة السويدي الكونت فولك برنادونت الذي قتل عام 1948 في فلسطين وأمين عام الأمم المتحدة السويدي داغ همرشولد الذي قتل عام 1961 في الكونغو ووزير خارجية الجزائر محمد بن صديق عام 1982 اثناء محاولته وقف الحرب العراقية ـ الايرانية فقتله صدام كما قتل قبله بالسم رئيسه هواري بومدين كما يشهد على ذلك رئيس ديوانه حامد الجبوري، ومثل ذلك الرحلات المكوكية لكسينغر (نجح في بدء اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل) ودنيس روس والأخضر الابراهيمي (فشلا في مهامهما).

* * *

آخر محطة: (1) أشهر وساطات العصر الجاهلي ما قام به الشيخان هرم بن سنان والحارث بن عوف اللذان نجحا في وقف حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان التي استمرت 40 عاما فخلدهما بشعره زهير بن أبي سلمى وعندما قال ابن هرم للخليفة عمر بن الخطاب لقد اجزل أبي العطاء لابن أبي سلمى فأجابه عمر: «لقد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم».

(2) أوجب الإسلام على المسلمين التوسط في النزاعات العسكرية التي تقوم بين المؤمنين وجعلها «إجبارية» وإذا رفض طرف الوساطة وجب على الوسيط دخول الحرب ضده حتى يقبلها قال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) صدق الله العظيم.

حسن العيسى

هل ستصدر شهادة وفاة منظمة «التعاون»!

لم تكن ولادة مجلس التعاون الخليجي عام 81 طبيعية، بمعنى اقتناع أنظمة الحكم في تلك الدول بضرورة التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية تمهيداً لخلق كيان سياسي موحد في ما بعد، بل كان عملاً أمنياً خالصاً، وردّة فعل على الثورة الإيرانية والحرب الإيرانية- العراقية التي تلتها. ذلك الهاجس الأمني ظل مسيطراً على عقول وأفئدة قيادات دول المجلس، وبقدر ما كانت فكرة الأمن، وهو أمن وجود دول المجلس، ضرورة كما ظهر عند غزو الكويت من قبل العراق عام 90،  إلا أنه أضحى أيضاً عقبة نحو تطوير علاقات دوله فيما بينها، فلم تكن الاتفاقيات غير الأمنية بين دول المجلس ذات جدوى، ولم تقدم خطوة واحدة نحو توحيد أنظمة وشعوب المنطقة، كما أن الأخيرة بطبيعة الحال معزولة ومهمشة عن أنظمة حكمها.
ومثلما كان بالأمس الهاجس الأمني خلف ولادة منظمة فإنه أصبح اليوم المرض السرطاني في جسدها، فالمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ترى في دعم قطر للإخوان أو اتهامها بدعم الحركات الإسلامية المتطرفة مثل "القاعدة" و"داعش" و"النصرة" والحوثيين في اليمن، خطراً يهدد أمن هذه الدول، وإذا كان يصعب على دول الخليج المحافِظة هضم مجمل تقلبات الربيع العربي، وترى فيها خطراً داهماً عليها، فإن قطر بدورها، وعبر سلاحها الإعلامي المتمثل في قناة الجزيرة، أبصرت في هذا الربيع فرصة إثبات وجودها، وتأكيد سيادتها وتحرير سياستها من أي هيمنة خارجية خليجية، وعملت عبر قناة الجزيرة وبمساندة أموال الغاز الطبيعي نحو الدفع إلى زحزحة وقلب المعادلات القديمة في المنطقة العربية، وهذا عند دول الخليج المحافِظة، مغامرة لا يمكن تحملها، ولا يمكن قبل ذلك تحمل خطب الشيخ يوسف القرضاوي ضد النظام الجديد في مصر الذي وجدت فيه الدول الخليجية ضالتها لعودة الأمور إلى نصابها، أي العودة إلى ما كان قبل ثورة يناير المصرية.
ما هي خيارات المستقبل؟ وماذا يمكن أن يحدث في القمة العربية القادمة في 25 من هذا الشهر؟ كل حديث عن وساطة كويتية ووصف ما حدث بأنه زوبعة في فنجان، يمكن اعتباره جنوحاً في عوالم الأوهام والأحلام، فدول الخليج كانت تعاني تناقضات وخلافات كبرى في علاقاتها بعضها مع بعض، فبينها خلافات على حدودها السياسية، وهناك تدخلات من أنظمة حكم فيها بعضها ضد بعض، وهناك خلافات مستعصية في النهج السياسي لكل واحدة منها، وإذا حلت أزمة اليوم مع قطر، وهذا ليس بالمسألة السهلة عند القيادة القطرية في خياراتها القادمة، فهناك مسائل أخرى كبرى ستظل عالقة بين دول المجلس، وقد تترك تحت سجاد المجاملات الدبلوماسية فترةً من الوقت، لكن ليس كل الوقت، في النهاية، كم نخشى أن تصدر في القمة القادمة شهادة وفاة منظمة مجلس التعاون.