التباين الخليجي مع سياسة إحدى دوله (قطر) ليس جديداً، ففي الستينيات والسبعينيات عندما كان هناك عداء ورعب خليجي من المد الشيوعي واحتمال وصول الدب الروسي لمياه الخليج الدافئة كان هناك تباين خليجي مع السياسة الكويتية التي كانت الوحيدة التي تبادلت التمثيل الديبلوماسي مع الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية، وفي السبعينيات والثمانينيات تباينت الدول الخليجية مع سلطنة عمان التي كانت الوحيدة كذلك التي غردت خارج السرب ورفضت اغلاق سفارتها في قاهرة السادات بعد اتفاقية «كامب ديفيد»، كما بقيت على علاقات وثيقة مع ايران الثورة إبان الحرب العراقية ـ الايرانية بعكس باقي الدول الخليجية، لذا لا جديد هذه الايام تحت الشمس الخليجية.
* * *
وبالطبع لم يصل التباين في تلك الخلافات الى سحب السفراء الذين يراهن الجميع على ان الحكمة الخليجية المعتادة سترجعهم سريعا بعد اجازتهم القصيرة في اوطانهم لسفاراتهم والغريب هو كيف انتهت التباينات السابقة حيث اعترف الجميع بروسيا الفيدرالية والصين الشعبية وعاد الجميع سريعا الى مصر بعد ان جربوا كوارث الاصطفاف مع ثوريات جبهة الصمود والتصدي، كما تحسنت العلاقة الخليجية في المجمل مع إيران الثورة مع غزو الحليف الصدامي للكويت وتهديده لباقي الدول الخليجية.
* * *
وقد لا يكون سحب السفراء رغم عظم دلالاته السياسية بحجم ضرر وقف التعاون الخليجي الجميل في مجال الاعلام الذي نتمنى ان يستمر ويتعزز، فالسفراء يعملون مع الحكومات التي يبتعثون إليها، لذا قد لا يشعر بفقدهم إلا القلة، اما الإعلاميون فيعملون في القطاع الشعبي والشبابي لذا سيفتقدون وقد تظهر عداءات نتيجة لذلك بين الشعوب الخليجية وهذا هو الخطر الاكبر فالقيادات تختلف وتتصالح في لحظات، اما الشعوب فجبر كسرها بطيء جدا وهو ما حدث بين الشعبين الشقيقين العراقي والكويتي.
* * *
آخر محطة: (1) نرجو ان تقوم جهود الوساطة بين الدول الخليجية على مبدأ الشفافية والمصارحة التامة والعمل بالمثل الشعبي الكويتي القائل «الكلمة اللي تستحي منها بدها.. أي اجعلها في البدء»، فالمجاملة لا تنفع والتعامل مع ظاهر الخلاف لا باطنه لا يصلح شيئا بل سيبقي النار مشتعلة تحت الرماد.
(2) مفاتيح حل الخلاف الخليجي ـ الخليجي هي.. تقديم الثقة وحسن النوايا المتبادلة، عدم التدخل في شؤون الغير، العلاقة مع الاخوان المسلمين، انتخابات مصر ومستقبلها، العلاقة مع ايران.
(3) الإعلام الخليجي كان بحق بمستوى الحدث فلم يصعّد أو يؤجج أو يذهب إلى الاسفاف كما حدث مع بعض وسائل الاعلام العربي التي انحدر مستوى ردحها..