بعد فضيحة التيار الليبرالي والتوجه العلماني في الخليج والمنطقة العربية في دعمهم للانقلاب العسكري على الشرعية في مصر وتأييدهم لاغلاق المحطات الفضائية والصحف اليومية المعارضة للانقلاب، تأتي فضيحة جديدة لهم اليوم بدعمهم وتأييدهم لاستفتاء يجري بعد اعتقال المعارضة السياسية والزج بها في السجون بمحاكمات صورية، وقتل من يخرج ضدهم في تظاهرات سلمية واعتقال كل من يقول لا لاجراءات العسكر! ولم نسمع صوتاً واحداً من هؤلاء يطالب بمحاكمة القتلة والبلطجية، بل لا نجد الا صمت القبور تجاه هذه القضية التي أحرجتهم، لكنهم غير مبالين! لذلك، لم نستغرب عندما خرج علينا احد رموز هؤلاء ليؤيد ترشيح زعيم القتلة والسفاحين لرئاسة مصر!
هكذا أصبحت الامور مقلوبة في المحروسة: الرئيس المنتخب من الشعب يزج به في السجن ويتهم بقتل الخارجين على القانون، ومن انقلب على الرئيس وحلَّ المجالس المنتخبة شعبياً وقتل المعارضين السلميين وأحرق جثثهم هو الذي تشكل اللجان لترشحه!
والأغرب من ذلك، أن الدستور الذي شكلته المجالس المنتخبة، وصاغه فقهاء القانون الدستوري، واستُفتي عليه شعبياً، في وجود كل الفرقاء والنشطاء السياسيين أحراراً يمارسون انتقاده بكل حرية، هذا الدستور يُلغى بقرار انقلابي. وبالمقابل، يؤتى بدستور مشكوك في صياغته ليطرح للاستفتاء في غياب الرأي الآخر!
المأساة تتجسد أكثر عندما نعرف أن القاضي الذي سيتولى حماية الصندوق، المضمونة نتيجته مسبقا، هو القاضي نفسه، الذي كان يعطي لحسني مبارك نتيجة %99.99 في كل انتخاب وكل استفتاء! بعد عزل القضاة الأحرار الذين اعترضوا على اجراءات الانقلابيين واستبدال ضباط شرطة بهم!
ولا يمكن هنا أن نغفل عن تصريح لجنة إعداد الدستور الذي أعلن مسبقاً ان الذين سيتوجهون الى الادلاء بأصواتهم سيتجاوزون الثمانين في المائة، وان الذين سيقولون «نعم» للدستور سيتجاوزون السبعين في المائة!
كنت اتمنى من زملائنا الاعلاميين والسياسيين من اصحاب الرأي الحر والدفاع عن الحريات أن يقولوا كلمة حق في هذه الظروف، التي تجرى فيها عملية الاستفتاء او ستجري فيها مستقبلاً الانتخابات، لأننا إن وافقنا على إجرائها في هذه الظروف فستكون سابقة ان يقوم أي نظام دكتاتوري مستقبلاً باعتقال المعارضة السياسية، والزج بها في السجون بتهم سخيفة، مثل تهمة الانقلابيين للرئيس مرسي «التخابر مع حماس»! ثم بعد ذلك يقول للناس «تعالوا صوتوا لي»! أنا شخصيا لا اتوقع اي موقف مشرف من هذا التوجه الليبرالي، الذي انهكته الفضائح، الواحدة تلو الاخرى، بسبب مواقفه من احداث مصر.
اننا كتيار اسلامي في المنطقة نطالب التيار الليبرالي باحترام ما تبقى من مبادئه واعلان موقف مبدئي من المسرحية الهزلية التي تجري في مصر، والتي بسببها تُذبح الديموقراطية وتستباح فيها حرية الرأي! فهل من عاقل بينهم؟