يستنكر البعض على الحركة الدستورية الإسلامية أن تصدر من بعض المحسوبين عليها بين فترة وأخرى مواقف تتناقض مع ما هو معلن او معروف عنها! ويستكثر علينا ان يكون لدى رموزنا اكثر من رأي في القضية الواحدة تصدر منهم بشكل شخصي، والحقيقة أننا بالحركة نستوعب تعدد الآراء، وهو ما لا يفهمه الكثير من خصومنا السياسيين الذين تعوّدوا على الرأي الواحد! فتجدنا حتى في القضايا الرئيسية نختلف بالرأي قبل أن يصدر منا القرار الأخير، والذي يأتي بعد الحوار والنقاش الذي يصل أحياناً إلى درجة الملل! هذا الوضع جعل بعض المتصيدين للأخطاء يدندنون لبعض التصريحات والآراء التي صدرت مني مؤخرا بشأن ثنائي على بعض الجوانب في شخصية رئيس الوزراء، أو تمنياتي للحكومة الجديدة بأن تحقق للمواطن الرفاهية وترسّخ مبادئ العدل والمساواة بين المواطنين! وهي آراء لاشك أنها صدرت بشكل شخصي، لا تمثل إلا كاتبها، إلا أن البعض أراد أن يصبغ بها الحركة الدستورية، كونها صدرت من شخص له موقع في هذه الحركة، ولعل آخر هذه الأمثلة ما صدر بالأمس من تصريح للأخت الفاضلة خولة العتيقي بشأن تولي امرأة لمنصب رئيس الوزراء، أو ذكرها بتحفظها على بعض ما ورد في مقدمة برنامج المعارضة المقترح! وواضح أن هذا رأي شخصي للأخت الكريمة، فكلنا يعلم أن موضوع تولي امراة لمنصب رئيس الوزراء غير مطروح حتى عند التنظيمات الليبرالية! وكذلك ما ذكرته بالنسبة لرأيها بمقترح المعارضة. إنها أيها الإخوة حرية التعبير التي تتميز بها اجتماعات الحركة الدستورية الاسلامية وقبول الرأي الآخر، شريطة ألا يتعارض مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أما القضايا التي فيها اجتهاد او اكثر من رأي، وتحتمل الخطأ والصواب، فأجواء الحركة تستوعبها وتحتملها! بقي أن أختم بملحوظة أن تعدد الآراء مقبول الى ان ينتهي النقاش ويصدر القرار بعد الاستماع الى كل الافكار والمواقف، عندها على الجميع الالتزام عمليا بالرأي والموقف مادام يتحدث باسم الحركة! هكذا نفهم الديموقراطية، وهكذا نمارس العمل السياسي!
***
بعد تشكيل الحكومة، كان واضحا أنها ضمّت توجّهات سلفية ووطنية ولم تحتوِ على اي من الشخصيات المحسوبة على المعارضة السياسية! وهذا أمر طبيعي ومتوقَّع، فالتيار السلفي وكذلك التيار الوطني هما من دعم مرسوم الصوت الواحد ودافع عنه وتبنى حملة نجاحه، وهما التياران اللذان تحالفا مع النظام لإسقاط توجهات المعارضة السياسية، لذلك لا نستغرب أن تحفظ السلطة هذه المواقف لهذين التيارين وتراعيهما في هذا التشكيل! لكن المستغرب هو غياب ممثل لتيار الائتلاف الإسلامي الوطني عن هذا التشكيل مع أنه ساقط بالحضن الدافئ من زمان.
لكن لنا أن نسأل: هل تحالف جابر المبارك مع مرزوق الغانم في هذا التشكيل؟!
أنا شخصيا لا أملك معلومة قاطعة، لكن أعتقد أن التحالف بين الاثنين غير مستغرب، والتنسيق بينهما لم يكن مستبعَدا! فإن أراد رئيس الحكومة أن تسير حكومته من دون منغّصات ولا عراقيل مصطنعة من المجلس، فعليه أن ينسّق مع رئيسه، هكذا علّمتنا مرحلة رئاسة السعدون والخرافي أيام الزمانات! لذلك لا نستنكر وجود وزراء محسوبين على مرزوق الغانم، خاصة أن التحالف المضاد من خارج المجلس بين بعض ابناء العمومة وبعض المتنفذين سابقاً وحالياً بدأوا بالضرب تحت الحزام، لذلك كل أشكال التحالفات واردة مادام هذا هو واقعنا المرير!
بقي أن نسأل: هل شكّل جابر المبارك حكومته من دون تدخل؟
إن عودة وزيري الصحة والتربية إلى منصبيهما نفسيهما اللذين أخرجهما منهما جابر المبارك يضع علامة استفهام كبيرة! وقد يعطي مؤشرا الى ان النزول بالبراشوت كان متواجدا في هذا التشكيل!
سؤال أخير.. هل هذه الترتيبات كافية لنجاح الحكومة؟! أنا شخصياً غير متفائل من الأجواء السياسية الملبّدة بغيوم التشرذم والانكفاء للداخل، فمازلنا نبحث عن حل لمشاكلنا عند من لا يملك الحل ولا يعرف مكانه!