مع اننا لم نشارك في الانتخابات ولم نؤيد مجلس الصوت الواحد، وكنا ومازلنا نعتقد ان تغيير قانون الانتخابات جاء بطريقة أضرت بالعملية الانتخابية والمسيرة الديموقراطية، ومع ان التجارب أثبتت صحة ما كنا نقوله من ان نتائج الصوت الواحد ستكون سلبية على البلد، ومع اننا لم نبدِ رأياً في تشكيل الحكومات السابقة ولا الجديدة، الا اننا نتمنى نجاح جميع مؤسسات الدولة في أداء عملها على اكمل وجه، بما ينفع البلد ويحرك عجلة التنمية ويطور الخدمات ويحقق العدالة والمساواة بين الناس. وعليه نتمنى ان ينجح هذا التشكيل الجديد للحكومة في خدمة الوطن والمواطن، مع ما لدينا من ملاحظات عديدة، مثل تكريس وجود تيارات دعمت الصوت الواحد ودافعت عنه، وهذا امر غير مستغرب في مثل هذه الظروف، خاصة ان هذه التيارات هي التي ستتحمل نتائج أداء هذه الحكومة سلباً وايجاباً.
***
ظاهرة الهجوم الاعلامي على التيار الاسلامي بالمنطقة بشكل عام، والاخوان المسلمين بشكل خاص، تحولت من ظاهرة مقبولة الى جنون عقلي عند البعض! فقد اصبح كل من هب ودب يركب في هذا المركب الذي يسير بركابه للمجهول! وكنا في الايام الاولى نتقبل النقد ممّن كنا نظنهم عقلاء وموضوعيين، ونتجاهل النقد من الحاقدين غير المنطقيين في نقدهم، لكن اليوم صار «أعقل ما فيهم هالمربوط»!
انا اتفهم ردة الفعل بعد النجاح المفاجئ للاسلاميين في مصر، الذي خربط حسابات البعض عندنا بالذات! لكن يبدو ان السقوط المفاجئ لمرسي خربط حسابات هذا البعض اكثر واكثر! ولذلك تراهم فقدوا معايير النقد والتقييم السليم، واطلقوا العنان لخيالهم الواسع في اختلاق مبررات تأييد الانقلاب، خوفا من عودة الاخوان من جديد اذا ما فشل العسكر في فرض قبضته على الدولة!
اضطر بعض من عُرف بالتيار الوطني الداعي الى دولة المؤسسات واحترام الدستور الى التحلل من مبادئه، واضطر من كان يرفع شعار «لا لا لحكم العسكر» للتغاضي عن جرائمهم وتجاوزاتهم وتعطيل الحكم المدني! وتحولت الاقلام الليبرالية والعلمانية، التي كانت تطالب بالحريات الصحفية والاعلامية، الى دعم العسكر عندما اغلق القنوات الفضائية التابعة للرأي الآخر، وسحب تراخيص الصحف المحسوبة على التيار الاسلامي، ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل ان الرموز التي كانت تنادي باحترام حقوق الانسان صمتت صمت القبور، وهي ترى المواطن المصري المعتصم في رابعة يذبح ذبح النعاج وتجرف جثته وتحرق من دون ان يحرك ساكناً، بل ليته سكت، فأغلبهم أوجد المبررات لهذه الجرائم النكراء!
واليوم نشاهد ونسمع ونقرأ يوميا هجوماً وهوساً ضد كل ما هو اسلامي، بل ضد كل ما هو وطني ومحافظ! ها هي قنواتهم الفضائية تستقبل رموزهم الذين يطالبون بالغاء مجلس الامة عندنا! وها هم كتابهم المثقفون يدعون جهارا نهارا بإلغاء الاخر وتصفيته! وها هم كتاب الرأي عندهم يطالبون باغلاق جمعيات النفع العام المحسوبة على التيار الاسلامي، لانها اصدرت بيانا سياسيا، وتغاضت عن جمعية الخريجين والمسرح العربي ورابطة الادباء، وغيرها من جمعيات الليبراليين التي اصدرت العشرات من البيانات السياسية خلال مسيرتها الطويلة!
كنت أظن ان هذه الهجمة مختصرة على الطارئين على العمل السياسي والباحثين عن الشهرة الاعلامية، لولا انني اصبحت اقرأ لرموزهم شطحاً وخروجاً عن المنطق، فقد ذكرت احداهن «وقفت جمعية الاصلاح متضامنة مع الموقف الدولي لتنظيم الاخوان ضد تحرير الكويت بقوات دولية كافرة»، فحولت المواقف البطولية التي شهد لها كل المرابطين في الداخل الى خيانة! فهل بعد هذا من فجور! ثم يكملها محاموهم ليقول للقارئ ان معظم من يخالف قوانين المرور ويسير بطريقة متعرجة هم من المتدينين!
نتمنى ان نرى عاقلا ينتقدنا بحكمة، او ناقدا بانصاف، او خصما يجادلنا بالحقائق! عندنا اخطاء كثيرة، ولنا مثالب عديدة، ومحمد مرسي لديه أخطاء في طريقة ادارة الحكم كغيره من الحكام، ولكن ما يحدث اليوم هو تكرار لاباطيل ابواق السلطة واختلاق لأكاذيب ما انزل الله بها من سلطان، جعل اللي يسوى واللي ما يسوى ينهش في جسد الاخوان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك ان تداعى عليكم الامم كما تداعى الاكلة الى قصعتها»! صدق رسول الله.