لم أكن أتمنى إثارة هذا الموضوع في هذه الزاوية لولا محاولات بعض الذين تعودوا الاصطياد في الماء العكر لتشويه مواقفنا والطعن في ولائنا لهذه الأرض! فقد ذكرت في لقاء تلفزيوني أن النظام الصدامي البائد كان قد عرض علينا تشكيل حكومة أثناء الاحتلال الغاشم بدلاً من الحكومة الشرعية للكويت، وأن من تم تكليفه لإبلاغنا بهذا الطلب هو المغفور له بإذن الله فيصل الصانع، وهو من الكويتيين القلائل المنتمين إلى حزب البعث في ذلك الوقت، وكنت قد اتصلت به بعد الغزو بأسبوع لأطلب منه التدخل عند الحزب لوقف السلب والنهب اللذين تعرضت لهما البلاد، وكان جوابه أنه لا يُسمَع له ولا تأثير لرأيه بعد اليوم. وطبعاً كان جوابي على طلب العراقيين بتشكيل الحكومة هو الرفض القاطع، وطلبت منه ان يخبر العراقيين أننا لن نرضى بغير آل الصباح حكّاماً للبلاد. وعندما سألته إن كان قد ذهب إلى غيري، أجاب بأنه وجه الطلب إلى جاسم العون وحمود الرومي فأجاباه بما أجبته به. وشهادة للتاريخ في حق فيصل الصانع انه قال: لقد أخبرتهم بأن هؤلاء، وإن كانوا من المعارضة السياسية في الكويت، لكنهم لن يقبلوا بتشكيل حكومة بديلة أو نظام بديل عن الصباح، لأن معارضتهم هي لطريقة إدارة البلد وليس لمن يحكم.
هذا الخبر بهذا التسلسل كنت قد ذكرته في أكثر من مقال ومقابلة تلفزيونية. واليوم، يأتيني من قضى معظم وقته في مواخير بيكاديللي اثناء الغزو ليطالب بمحاكمتي وإعدامي! وأنا أعرف أن سبب انزعاجه ليس اتصال العراقيين بنا أثناء الاحتلال بقدر ما هو السؤال الذي تحديته أن يجيب عنه في المقابلة الاخيرة! وقبل الانتقال إلى الفقرة التالية، أشكر الأخ جاسم العون الذي اتصل بي وأبدى استعداده لتأكيد كلامي إن لزم الأمر.
***
الموضوع أعلاه يجرّنا للحديث عن ظاهرة انتشرت أخيراً في المجال الإعلامي، وهي ظاهرة الطعن في الإخوان المسلمين كطريق مختصر للشهرة الإعلامية، خصوصاً عند بعض الطارئين الجدد على الساحة السياسية. فقد سمعنا بالأمس محامياً مغموراً تردد ظهوره أخيراً في أكثر من قناة فضائية، وكان معظم حديثه فقط الشتم والسب في جماعة الإخوان المسلمين، وكأنه ماجيء به إلا لذلك! المشكلة أن هذا وأمثاله لا يقدِّرون قيمة الظهور الإعلامي وما يترتب عليه من مسؤولية، ولا يعون أن لهذا التواجد الإعلامي كلفة عليهم تحملها! خذ مثلاً صاحبنا الذي تخصص في شتم الإخوان المسلمين في الكويت، كلنا يعلم أنه صدرت عليه أحكام بالسجن ثلاث سنوات، تأيدت في الاستئناف والتمييز، ومنع السفر، وعليه ضبط واحضار. ومع هذا لم يتم سجنه ولم ينفذ فيه الحكم، لأن هناك من تكفل بوقف كل هذه الإجراءات مقابل استمراره، وبعنف، في شتم الإخوان المسلمين والتهجم عليهم بالحق والباطل! وفوق هذا له إجازة شهر براتب كامل مع رحلة مدفوعة التكاليف! هذا الكلام من لسانه هو في أحد دواوين العمرية، ولم اتجنَ عليه. هل رأيتم متهماً تصدر بحقه المحكمة حكماً بالسجن ويؤيد من جميع الدرجات ثم لا يسجن؟! ولولا خوفي من رقيب القبس لزدت بالتفاصيل. هذه الظاهرة تكررت كثيراً في الفترة الأخيرة مع بعض الصحافيين، وحتى مع بعض القراء والمشايخ! فما إن يشعر أحدهم بالحضن الدافئ حتى ينقلب 180 درجة ولا حول ولا قوة إلا بالله!
ختاماً، البعض هلل عندما تحدثنا عن الإخوان المسلمين ودافعنا عنهم دفاع النفس، واعتبروا هذا دليلاً على أننا نعترف بأننا نحن والإخوان كيان واحد! ومع تأكيدي أن الانتماء إلى الإخوان يزيدنا شرفاً، إلا أننا نؤكد دائماً أننا لا ننتمي تنظيمياً إلى الإخوان المسلمين، لا في مصر ولا في غيرها. وأمّا دفاعنا عنهم، فلأن من يتهم الإخوان المسلمين بالكويت إنما يقصدنا نحن في الحركة الدستورية الإسلامية، لكنه يجبن من ذكر ذلك خوفاً من الملاحقة القانونية!