محمد الوشيحي

بين الكاتب والنائب يفتح الله

بيني وبين السياسة محاكم وقضايا نفقة، أكرهها وتكرهني من أول نظرة، يصيبني اكتئاب نصفي لو دار الحديث عن السياسة لقناعتي بعدم وجودها في الكويت، ولذا فحديثنا عنها نميمة، و«الغائب حجته معه»، ومع كل هذا تتراءى لي «الخبيثة» في البرد والحر، والعلانية والسر، فأخوض فيها خوض المضطر، وأهاجمها هجوم «المحترّ»، مع يقيني بأنها جبل، إن وقعت عليه حطمني، وإن وقع عليّ، فالسلام عليكم ورحمة الله.
وللزميل، الكبير فكرا، صالح الشايجي «مقولات» تستفز المخ وخلاياه النائمة، كلّ مقولة منها تقول للأخرى: «الزود عندي»… إحدى مقولاته: «لا صاحب للكاتب»، فالكاتب من وجهة نظر الزميل «مبدأه، صاحبه الوحيد»، من وافق هذا المبدأ فهو «صاحبي» لهذا اليوم، ومن عارضه فهو «خصمي» لهذا اليوم أيضا، بصرف النظر عن الأسماء، فصاحبي اليوم قد يكون خصمي غدا والعكس صحيح.
يقول أيضا (بتصرف وتحريف مني في أقواله الرسمية): الساسة (مجازا) أصغر قدرا من الكتّاب في العالم كله، هكذا يجب أن تكون الأمور، فهُم، أي الساسة، ليسوا أحرارا، بل ينفذون ما يمليه عليهم أسيادهم، وأسيادهم هم الناخبون، بينما نحن، كتّاب الرأي، نرسم خرائط الطريق الفكرية للمجتمع بلا قيود ولا خوف من أحد. لذلك، على السياسي أن يحرص على إرضاء الكاتب لا العكس… ويقول أيضا: الكتابة في السياسة تهبط بمستوى القلم، والحياة ليست سياسة فقط… انتهى كلام أبي ناصر.
وهنا أتذكر رسالة تلقيتها من إحداهن تسألني فيها: هل يمكن أن تكون لي زاوية يومية، أو شبه يومية، في صحيفة «الراي» مع العلم بأنني لا أكتب في السياسة ولا أفهمها؟ وأرفقت برسالتها مقالة تطلب مني إبداء رأيي فيها. مقالتها كانت بعنوان «الأشجار… لا تمشي على أقدامها». تحدثت فيها، حسناء القلم، عن موعد لقائها الأول مع حبيبها تحت شجرة، وكيف دارت الأيام فخانها الحبيب، بينما حافظت الشجرة على الود والذكرى وأبت إلا أن تبقى مكانها… كتبت لها: مقالة رائعة، أشبه بالقصة القصيرة، لكنني لا أعرف على ماذا تمشي الأشجار إذا لم تكن تمشي على أقدامها؟ هل تزحف على بطونها؟ فأجابت: الأشجار لا تمشي إطلاقا ولا تزحف، فقلت: فما دخل «الأقدام» إذاً في الموضوع؟ كان بإمكانك كتابة العنوان هكذا «الشجرة… وحدها بقيت»، أو «الأشجار… لا تخون الذكريات»، لأن كلمة «أقدامها» داست على الصورة الجمالية للعنوان.
وأضفت: بالنسبة للصحيفة، أرى بأن عدم الخوض في السياسة ليس من «نواقض» الرأي، خوضي أي بحر شئتِ، وحلقي في الفضاءات، لكن بشرط أن تكوني أنثى. بمعنى، ألا تكوني مثل تلك الكاتبة في إحدى الصحف الزميلة التي ترتسم صورتها أمامي أثناء قراءة مقالها، وكأنها «لابسة جريمبا» وتعبث في «سكسوكتها».
***
الأصدقاء العسكريون نبهوني إلى أن تطوع الكويتيين للدفاع عن أرضهم ضد قوات صدام كان في عام 94 لا عام 98 كما ذكرت في مقالي السابق… صحيح. أعتذر للتاريخ.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *