سامي النصف

القمعيون الجدد والديموقراطيون الجدد

السبب الرئيسي لوفرة الفتن والمشاكل في منطقتنا العربية هو استمراء بعض السفهاء لمعطى الافتراء على الآخرين والادعاء عليهم بما لا يقولونه أو يضمرونه، ثم ادعاء البطولات الكاذبة عبر الرد المفحم على أقاويل وأكاذيب هم من اختلقوها وادعوها، وهو أمر نلحظه كثيرا عند اختلاف المذاهب والأديان، حيث ينسب الخصم لخصمه ما يريد ثم يتكفل بالرد المفصل على بطلان ما ادعاه هو ذاته، دون ان يتعب أحد نفسه بالتأكد من ثبوت الدعوى على الآخر.

مثل ذلك قيام مئات الدواوين برفع عريضة تبدي فيها دعمها الكامل للنطق السامي الداعي لتخفيف الأزمات السياسية وتركيز الجهود على عمليات البناء والتنمية، وقد عكسوا ذلك التوجه برسالة مكتوبة بلغة عربية فصيحة لا لبس ولا غموض فيها، وكان يفترض، حالها كحال جميع الرسائل والعرائض الأخرى التي ترسل لولي الأمر من قبل المواطنين بل حتى من قبل أعضاء المجلس أنفسهم، ألا يعلم بها أحد ومن ثم لا تثير الضجة التي أثارها خصومها، لا الموقعون عليها.

ومن البديهيات التي يعلم بها الصغير قبل الكبير أنه لو اجتمع المئات من اصحاب الدواوين من الموقعين على رسالة «للتآمر على الدستور» أو «لطلب الحل غير الدستوري» لعلم بذلك السر الكبير الكويت قاطبة فالكويت بلد لا سر يخفى فيه، إلا أن من الأمور الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار أن أحدا لم ينسب للموقعين الأفاضل أي رواية تثبت أن هناك من أشار، تصريحا أو تلميحا، لذلك التوجه المعادي للدستور.

ورب ضارة نافعة، فقد اظهرت ردود الفعل على تلك الرسالة التي وقع عليها أبناء الكويت من أقصى شمالها إلى جنوبها للسطح وجود تجمع يصح تسميته بـ «القمعيين الجدد» ممن يؤمنون بأن حرية الرأي التي نص عليها الدستور مقتصرة عليهم فقط ولا مانع لدى هؤلاء القمعيين ومن تبعهم من «ببغاوات» شارع الصحافة، كما اسماهم أحد الزملاء، من استخدام كافة وسائل الزيف والافتراء والخداع تجاه الخصوم وتكرار تلك الاكاذيب حتى يصدقها البسطاء من الناس.

ومع قدوم «القمعيين الجدد» خلقت معهم شريحة «الديموقراطيين الجدد» ممن لا يخرج تأييدهم الاعلامي ونصرتهم للديموقراطية ومجلس الامة عن المصالح الشخصية البحتة حيث يمثل المجلس لهم تحقيق المطالب المدغدغة والشعبية غير المسبوقة في تاريخ بلدان العالم الاخرى ولو وعدوا بتحقيق تلك المطالب المدغدغة في غياب المجلس لما مانعوا للحظة من تأييد الوضع الجديد.

يتبقى القول إن ظاهرة القمعيين الجدد والديموقراطيين الجدد قد تفشت في ديموقراطيتنا الفتية حتى بتنا نخشى أن تصبح هي القاعدة وما عداها استثناء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:
التهنئة القلبية للأخت الفاضلة فاطمة يوسف العلي لحصولها على شهادة الدكتوراه والتهنئة موصولة لبعلها الزميل صالح الشايجي، ومبروك.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *