محمد الوشيحي

«يو بروبليم»

كنت متأرجحا ما بين السابعة عشرة من عمري والثامنة عشرة، عندما ابتعثتُ إلى الاتحاد السوفيتي، جمهورية أوكرانيا، لدراسة الطب (أوقفت دراستي هناك بعد أول كورس والتحقت بالجيش، أي أنني انتقلت من علاج الناس إلى قتلهم. تغيير تخصص ليس إلا)… هناك في الكلية، ولسوء الحظ، بلغني بأن إحدى المعلمات يهودية، فقامت قيامتي ولم تقعد، وقررت أن أدخلها الإسلام، بالتي واللتيا، أو بإحدى هاتين العقوبتين. لاوقت لدي للمزاح (وقتها، لو رأيت الحضر لدعوتهم إلى الإسلام فما بالك باليهود)… يهودية مرة واحدة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.
الأمر محسوم، هذه اليهودية يجب أن تدخل الإسلام، لكنني اصطدمت بحاجزين، الأول، هو ثقافتي الدينية التي لا تسعفني، فمطالعتي كانت محصورة في كتب عنترة والزير سالم، وكلاهما مات قبل الإسلام، ووقتي في السابق كان موزعا ما بين التعارك مع الطلبة والتدخين في الساحة الخلفية للبنك. أما الحاجز الثاني فهو أنه لم يمض على وجودي في الاتحاد السوفيتي سوى أسبوع واحد، وهناك لا يتحدثون الانكليزية. متابعة قراءة «يو بروبليم»

سامي النصف

جلسة مع الناطق الرسمي لعرفات

ضمني قبل فترة قصيرة لقاء خاص على ضفاف النيل مع د.مروان كنفاني المستشار السياسي والمتحدث الرسمي باسم الرئيس ياسر عرفات، وقد اخبرني ضمن الجلسة عن تفاصيل لقاءات عرفات بالقادة العراقيين عامي 1990 – 1991 محاولا تبرير مواقف عرفات المعلنة بمواقفه غير المعلنة في الغرف المغلقة مع صدام التي ادعى انها تصب لصالح الكويت وهو ما رفضته وقلت ما الذي منع عرفات ان صحت تلك المواقف من اعلانها للملأ بدلا من صيحة «مرحى مرحى للحرب» التي قالها امام وسائل الاعلام ثم هرب بعدها من بغداد؟

وقد امتد الحديث للقضية الفلسطينية وما اتى في كتابه الاخير «سنوات الامل» وسلسلة لقاءاته مع جريدة «دنيا الوطن» الفلسطينية التي شبه خلالها عرفات بالمفتي امين الحسيني في اخلاصهما للقضية (كذا) وكان رأيي الشخصي الجاد ان الشعب الفلسطيني لو اعطى وكالة عامة في الثلاثينيات للدكتور ناحييم وايزمن زعيم المنظمة اليهودية بدلا من المفتي الحسيني وبعده للجنرال دايان بدلا من عرفات لما اصابهم عُشر الكوارث والضرر الذي حصدوه من تلك القيادتين.

واكملت بأن محاولة تبرئة القيادات والابوات الذين ابتليت بهم القضية الفلسطينية منذ يومها الاول تعني ان الخطأ والقصور في الشعب الفلسطيني، وهو امر يجب الا يقبل به من يتبنى تلك القضية، وقد رأى د.كنفاني وبغرابة شديدة ان نقدي لعرفات هو نقد للقضية الفلسطينية، اي انه اختزل القضية بشخص عرفات، وما ذكرني بمقال خططته اوائل الثمانينيات في جريدة «الأنباء» ضمن زاويتي المسماة آنذاك بـ «من فوق السحاب» واسميته بـ «المنظمة هل حان وقت التغيير؟» طالبت فيه بتنحية ابوعمار الذي كان يحظى بقداسة مطلقة في الكويت بسبب اخطائه المتكررة والجسيمة في الاردن ولبنان، وبعدها بأشهر اشتعلت حرب المخيمات ضده مطالبة بعزله ممن لا يقلون سوءا عنه امثال ابوموسى وخالد العملة وغيرهما من الابوات والاغوات.

وكنت قد اصطحبت معي في اجازتي الاخيرة عدة كتب لذكريات ومذكرات جمع من القادة البارزين في القرن العشرين ومنها كتاب ديڤيد ماكلوك عن الرئيس هاري ترومان والذي يقع في 1200 صفحة، وضمن الكتاب تفاصيل ازمة الحكم الاميركية الخانقة في ابريل ومايو 1948 بسبب الخلاف الشديد بين الرئيس ترومان من جهة ووزير خارجيته الجنرال مارشال وقياداته امثال السيدة إليانور روزفلت المبعوثة الاميركية للامم المتحدة من جهة اخرى ممن رفضوا اعتراف اميركا بقرار التقسيم، وقد تقدمت اليانور باستقالتها تبعا لذلك كما تحول ابناها فرانكلين واليوت من حزب الرئيس الديموقراطي الى حملة الحزب الجمهوري المنافس.

وكان مقترح الجنرال مارشال ان توضع فلسطين تحت وصاية الامم المتحدة حتى الوصول الى حل وان قرار التقسيم سيخدم الرئيس ستالين الذي ملأ فلسطين باليهود الشيوعيين والاشتراكيين من روسيا وشرق اوروبا، اما الرئيس ترومان فقد كان موافقا في البدء على آراء وزارة خارجيته، الا انه خضع في النهاية لحملات الصحافة واللوبيات والنواب الداعية للقبول بقرار التقسيم بعد ان تدنت شعبيته لاقل من 35%، واظهرت استطلاعات غالوب آنذاك ان الحزب الجمهوري سيفوز في انتخابات نوفمبر 1948 ايا كان مرشحه، كما اتهمته جريدة النيويورك تايمز المؤثرة انه باع ارض العسل واللبن التوراتية في سبيل ارض العرب النفطية مما اضطره للرضوخ في النهاية وقد فاز الرئيس ترومان في النهاية بالانتخابات اللاحقة.

آخر محطة:
اتى في الكتاب ما لم تقله الثوريات العربية قط وهو ان اعتراف اميركا آنذاك باسرائيل كان اعتراف «De Facto» اي الاعتراف بالامر الواقع – شرعيا كان او غير شرعي – اما اعتراف الاتحاد السوفييتي فقد كان تحت مظلة «De Jure» اي الاعتراف بان قيام الدولة الاسرائيلية امر شرعي وقانوني.

سعيد محمد سعيد

جدار «الأسمنت الخليجي»

 

هو أكثر سوءا من جدار الفصل العنصري الصهيوني! أسوأ بكثير. فأولئك صهاينة محتلون، وهنا، ست دول تمثل «مجلس التعاون الخليجي» أرادت أن يكون لها كيان قوي تواجه به العالم، فإذا بها تتحدى بعضها بعضا في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من حادثة «والسري منها لا يعلم به إلا الله»…

هل هذا ما أراده قادة دول مجلس التعاون؟ أن تعيش شعوب المنطقة «ملطشة» السبعة والعشرين عاما حتى نتمكن من العبور ببطاقة الهوية! وأن يحاصر أبناء الخليج وراء قضبان هذه الدولة أو تلك لتسقط كل الاتفاقات الأمنية والبروتوكولات… بل وأبسط حقوق المواطنة؟ هل ينمو الحلم الأسود في عقولنا بمستقبل زاهر: مليء بالخير لشعوب المنطقة، اتفاق على قضايا ذات الاهتمام المشترك، ما فيه صالح الشعبين الشقيقين والكثير الكثير من العبارات المعلبة التي لا يستحي من تكرارها الإعلام الخليجي؟

جاء الآن جدار الأسمنت، بعد أشهر من «طابور الشاحنات المصابة بالنحس».

ولا واحد من المسئولين المعنيين بشئون جسر الملك فهد أو في القطاع التجاري أو في الغرف الصناعية استطاع أن يجيب على سؤال واحد كررته مرارا :»ماذا تخفي قضية الشاحنات؟ فلم تعد مجرد مشكلة فنية أو حاسوبية أو ادارية على الجسر بعد مرور كل هذه المدة؟ ما الذي يحدث؟ وما مدى دقة ميولي الى فكرة وجود تكتل ما بين أصحاب نفوذ تجاري واستثماري يريدون تقديم مصالحهم؟ ولم أحصل على إجابة!

إذا، جاءت مشكلة الإسمنت المستورد عبر جسر الملك فهد بقصة الأربعمئة مستند للموافقة على عبور الشاحنات!

يا جماعة، حين نقول أربعة مستندات أو أربع وثائق فهذا كثير، فكيف يمكن للعقل المدبر والعبقري الخطير الذي استطاع أن يقضي كل هذا الوقت في إقرار اجراء لا يمكن تمريره الا بالتوقيع على أكثر من 400 مستند وفي كل مستند نحو 5 صفحات، ولابد أن تذهب «شاحنة المستندات تلك» الى الرياض لتعشعش في مكاتب أكثر من مسئول عدة أشهر.

يا حكومتنا… رجاء رجاء رجاء… لا تقبلي أن نكون نحن دائما «الطوفة الهبيطة» ليجرب علينا من يشاء، أفكاره واجراءاته… فسوقنا الصغير لا يتحمل مثل هذه الإجراءات من أية دولة كانت… اذا كان أصحاب المشاريع الكبرى والأبراج والجزر والمنتجعات، لن يتحملوا مثل هذه «المصائب» وهم ينفذون مشاريع بالمليارات… فكيف حال المواطن منا الذي يلصق نفسه في المصارف من أجل القروض؟

يا حكومتنا… في الموضوع سر فاكشفيه.