د. شفيق ناظم الغبرا

أوباما والبيت الأبيض

بدأ العد الحقيقي للانتخابات الأميركية التي لن تخلو من المفاجآت الجديدة. لقد كانت عملية سعي كل من كلينتون واوباما لكسب ترشيح «الحزب الديموقراطي» انعكاسا لحالة صراع مرير في كل محطة. فقد تواجهت أكثر امرأة نجحت في الوصول إلى الترشيح الرئاسي مع باراك اوباما ذي الجذور الملونة والمختلف عرقيا وثقافيا. لقد أحدث هذا بداية تغير يزداد عمقاً في الولايات المتحدة. ففي هذا الصراع بين امرأة متميزة، وبين سياسي محنك ذي قدرات شخصية كبيرة من خارج الإطار الأميركي التقليدي ما يعكس طبيعة الولايات المتحدة التي تتفاعل مع التغير. في هذا المجتمع لكل فئة صوتها، ولكل من يمتلك طموحاً فرص جمة لاثبات النفس وإيصال الصوت. هكذا يعيد بالتحديد باراك صياغة القصة الأميركية بصفتها قصة فرص وصراع واختلاف. في هذا تضيف تجربة اوباما الشخصية والعامة الكثير من الجديد على الإرث الأميركي.
والواضح الآن أن الكاريزما التي يتمتع بها اوباما لعبت دورها في إيصاله إلى هذا الترشيح، ولكن في الوقت نفسه هناك انتقال عام في «الحزب الديموقراطي» وبين قواعده باتجاه اليسار مما ساهم في إضعاف وسطية كلينتون، ومحاولتها أن تكون بين اليمين وبين اليسار. إن يسارية اوباما تجاه الوضع الداخلي، وتجاه التنوع في الولايات المتحدة، وتجاه السياسة الخارجية التي امتهنها الرئيس بوش ساهمت بجدارة في نيله ترشيح «الحزب الديموقراطي». متابعة قراءة أوباما والبيت الأبيض

سامي النصف

غداء الحكيم عند الحكيم

دعا رجل الأعمال الكويتي عبدالعزيز البابطين جمعا من الأصدقاء والإعلاميين لحفل غداء أقامه أمس على شرف صديق الكويت السيد عمار الحكيم والوفد المرافق له، وقد ناقش السيد الحكيم هموم وشجون العراق مع الصديق بوسعود الذي يعتبر، وبحق، احد حكماء الكويت ووجوهها المشرقة على الساحتين العربية والإسلامية.

ومما طرح في اللقاء الممتع حقيقة ان العراق بإمكانه ان يصبح سلة الغذاء للدول الخليجية والعربية متى ما استثمرت فيه الأموال واستقرت الأوضاع الأمنية فيه وهما أمران مرتبطان ومتصلان، فلا يمكن ان نبحث عن الاستقرار الأمني في العراق في ظل انعدام فرص الكسب والعمل وتفشي البطالة بين شبابه ورجاله.

وقد قرأت في صحيفة الصباح العراقية الصادرة صباح أمس ان الدولة نجحت في خلق 16 ألف فرصة عمل للشباب في محافظة الزوراء في ظل أرقام بطالة تجاوزت 100 ألف في تلك المحافظة، ولو افترضنا ان ثمانين ألفا من الباقين لم يقوموا بخروقات أمنية للحصول على لقمة العيش فسيبقى أربعة آلاف شاب يمكن لمخابرات صدام أو مخابرات بعض الدول المجاورة استغلالهم لنشر الذعر والخراب والدمار في ربوع العراق ومن ثم تطفيش السائحين والمستثمرين منه.

والحقيقة انه في الوقت الذي تعاني فيه الدول الاخرى من نقص الطاقة او المياه او الزراعة او فرص ومقومات الاستثمار والسياحة نجد ان العراق الشقيق لا ينقصه – وبشكل فريد – شيء من تلك المقومات الأساسية فمخزونه النفطي يكاد يصبح الأول في العالم، كما يمر في أرضه نهران من المياه العذبة وتشتهر أرضه بالخصوبة حتى ان أول معرفة للبشر بأنظمة الزراعة والري كانت فيه.

ويمكن للعراق الآمن والمستقر ان يستقطب ملايين الزائرين للسياحة الدينية وملايين اخرى للسياحة الثقافية المرتكزة على حضارة بابل وسومر والخلافة الاسلامية، كما يمكن للعراق ان يكون مصيفا في شماله ومشتى في وسطه وجنوبه للخليجيين، مستفيدا من خاصية القرب الجغرافي والتقارب في العادات والتقاليد.
 
ان للعراق مستقبلا باهرا متى ما توقف عن المجاملة وتحدث بصوت واحد لبعض جيرانه من رفضه القاطع لاستخدام أرضه كساحة لـ«حروب الوكالة» التي يشنونها على الآخرين.

آخر محطة:
أتى في تقرير لمراسل الزميلة «الوطن» من القاهرة ان حادث سرقة الكويتيين تم من خلال مساعدة «فتاة دخلت شقة الشباب الكويتيين لقضاء سهرة ثم لحق بها المتهمون الخمسة»، ومعروف ان العصابة تم القبض عليها خلال 24 ساعة، ومع ذلك لم يتوقف أهل الشقة عن التشهير بالسفير د.رشيد الحمد صاحب الأخلاق المتميزة وأركان السفارة الأفاضل، وكأن المفترض بالسفير ان يلغي أعماله واجتماعاته وارتباطاته كلما وقع حادث مشابه لآلاف الطلبة والسائحين الكويتيين، و«زاد الطين بلة» ما ذكره احد الزملاء من لجوء أهل الشقة لسفارة دولة أخرى للشكوى من ذلك الحادث.

احمد الصراف

نسائم الحرية آتية لا ريب في ذلك

يقول البرت إينشتاين: كل ما هو عظيم وملهم صنعه إنسان حر!
*****
ما كادت الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها حتى جمع كارل زايس  ملابسه وأغراضه الشخصية الأخرى في حقيبة بسيطة وألقى نظرة أخيرة على بيته وخرج ليستقل سيارة أجرة لتقله إلى الجزء الغربي من ألمانيا المقسمة، تاركا وراءه أكبر وأهم مصنع عرفه العالم وقتها لصنع عدسات النظر والمناظير المقربة والكاميرات وعدسات مختلف الاستعمالات الطبية والعلمية، تركه بكل مبانيه ومختبراته وأثاثه وموظفيه ومستنداته وخرج لا يلوي على شيء، بعد أن أصبح ذلك الجزء من برلين من نصيب الشيوعيين الروس!
خرج زايس من ألمانيا الشرقية إلى رحاب الحرية في الجزء الغربي وبدأ ببناء مصنعه الجديد من الصفر، ولم تمض سنوات عشر أو أكثر قليلا حتى نسي العالم مصنع كارل زايس في برلين الشرقية، الذي أغلق بعد أن خنقته القيود والأنظمة والتعليمات الصارمة، بالرغم من أن صاحبه تركه بمئات خبرائه وعماله وكامل معداته ومختبراته، وأشتهر بدلا عنه مصنع كارل زايس الغربي الذي خلقه رجل واحد عندما وجد الحرية والحركة وفضاء للخلق والإبداع، وهو ما فشل فيه مصنع كامل التجهيز بسبب القيود والمحاذير والضوابط الشرعية وغير الشرعية.
في الفترة نفسها من عام ١٩٤٥ اتفقت أميركا والاتحاد السوفيتي على شروط استسلام قوات الاحتلال اليابانية لكوريا، وتبع ذلك اتفاق الأميركيين والسوفيت على بقاء جنود الطرفين على جانبي خط العرض ٣٨ ونتج عن ذلك، بسبب الحرب الباردة وخلافاتهم، تقسيم كوريا إلى دولتين، حكم الشيوعيون بنظامهم المنغلق والمعادي للحرية الجزء الشمالي وحكمت الولايات المتحدة الجزء الجنوبي وأعطته استقلاله بعد أن أطلقت مساعداتها المالية الطاقة الكورية الجنوبية من عقالها فنتج عن ذلك، وخلال نصف قرن، خلق أكبر معجزة صناعية في القرن العشرين وفي دولة كانت في ذيل قائمة دول العالم فكرا وتقدما وإبداعا وإنجازا. أما في الجزء الآخر الشمالي فقد رأينا تخلفا وفقرا وقهرا ومنعا أدى خلال الفترة نفسها لتخلفها في كل مجال حيوي وخير بسبب قيام نظام الحكم بوضع الشعب في سجن، ولم يمر وقت طويل قبل أن تنهش المجاعة أرواح الملايين من مواطنيها وتجبر حكومتها على التخلي عن برامج تسليحها النووية الخطيرة والمكلفة مقابل حصولها على المساعدات الغذائية من الغرب.. ومن شقيقتها الجنوبية!!
والآن إلى أين يريد خالد السلطان وعلي العمير ومحمد الكندري ومبارك الوعلان وناصر الصانع ووليد الطبطبائي وبورمية ومحمد هايف وعدنان عبدالصمد وجماعته وجماعتهم ولجنة الضوابط الشرعية أن يأخذونا معهم؟
ألم يروا ما حدث لأولئك الذين ساروا في  الطريق نفسه الذي يودون أن يدفعونا قسرا للسير فيه؟ ألم يتعلموا من دروس التاريخ أن الانغلاق والكبت والحجر على الحريات وعد أنفاس الناس لا يولد غير التخلف والقهر والتبلد والتحجر؟ ألم يعرفوا، وقد بلغوا من العمر عتيا، أن الإنسان يولد حرا وليس في يده قيد ولا فكره حجر؟ فكيف يريدون أن يستعبدوا الناس وقد ولدوا أحرارا، وما الذي يتوقعون إنجازه إن تحولنا جميعا إلى مجموعة من الخراف؟

أحمد الصراف