من الجُمل التي تصدح بها بعض قوى المعارضة وترددها بعدها الجموع دون تفكير هي السؤال المتكرر عن السبب في عدم بناء اي جامعات أو مستشفيات أو بنى أساسية رئيسية خلال 3 عقود، مما اتاح الفرصة للجيران للتفوق علينا، متناسين دور القوى نفسها الرئيسي في ذلك التخلف وحقيقة استمرار ذلك الدور حتى يومنا هذا.
ان لتخلفنا خلال تلك الحقبة اسبابا عدة منها ادعاء بعض قوى المعارضة الدائم بأن كل مشروع سرقة، وكل مسؤول متجاوز، مما جعل الحكومات المتعاقبة تقوم بإعلان طهاراتها امام الشعب عبر التوقف عن تنفيذ أي مشاريع كبرى، وقد امتد هذا الامر حتى لفترات غياب مجلس الامة، حيث ان طرح اي مشروع رئيسي في تلك الفترة سيتم التعقيب عليه من بعض قوى المعارضة بالقول «غاب القط العب يا فار» وان الحل لم يتم الا لتمرير سرقات ذلك المشروع.
سيادة نظرية حكومية كانت تضع دائما «الشيء مقابل الشيء» اي لا تحدثونا عن قضايا التنمية والتعمير والبورصة وبقية الامور الاقتصادية ما دمنا مشغولين بقضية الامن الداخلي (الثمانينيات) أو الخارجي (التسعينيات) وهو أمر استمعنا الى شيء قريب منه قبل فترة قصيرة عندما نزعت ملكيات المشاريع الكبرى في الدولة من يد اصحابها عبر الغاء عقود B.O.T، وقيل لهم انكم تربحون اقتصاديا بينما نخسر نحن سياسيا أي مرة اخرى وضع شيء (السياسة) في موقف مضاد لشيء آخر (الاقتصاد) بينما يفترض ان تمشي الامور من امن وسياسة واقتصاد بشكل متواز يدفع بعضها بعضا الى الامام.
النظرة الخاطئة لبعض التيارات السياسية السائدة (تحديدا الدينية والمحافظة) لعمليات التغيير، فإنشاء الجامعات والاسواق والمدارس والطرق والمستشفيات يعني بنظرها الانفتاح الذي سيخل بالاخلاق العامة في الدولة، لذا حاربت بشكل علني او عبر مسؤوليها القابضين على مفاصل الدولة عمليات البناء والتطور كي لا نصبح مثل تلك الدولة المنفتحة المليئة بالمخالفات الشرعية حسب رؤيتها.
في الوقت ذاته تسيدت على الجهاز التنفيذي في البلدية التي بيدها المنح والمنع وبعض الوزارات المعنية الاخرى ولمدد طويلة في السابق عقليات فاسدة مفسدة محاربة لكل مشروع ابداعي مادام لا يدخل في جيبها الخاص شيء، مستغلة عدم المحاسبة السائدة في البلد بسبب واسطات الاعضاء، فكلما رفضت مشروعا او افسدت حلما يفيد الكويت تم التمديد لها، ومازلت اطالب بإنشاء لجنة تحقيق تاريخية تبحث عن الفاعلين والجناة في قتل كل الافكار الجميلة التي تقدم بها رجال القطاع الخاص، بل بعض المسؤولين من وزراء وغيرهم وجعلها تنتهي كجثث هامدة في ادراج يغطيها الغبار.
وبودنا ان نسأل بعض المخضرمين من نواب وساسة ممن كانوا في مواقع المسؤولية في مجلس الامة او على رأس حركات سياسية مسموعة الصوت عمن منعكم من رفع الصوت آنذاك والمطالبة بإنشاء المستشفيات والجامعات والاسواق التي يتم التباكي عليها هذه الايام، فمحاضر مجلس الامة موجودة وشاهدة بأنكم لم تكتفوا بعدم المطالبة، بل كنتم انتم من يسيء الظن ويمنع قيام المشاريع الكبرى التي تنهض بحال البلد.
آخر محطة:
العزاء الحار لعائلة آل شميس الكرام بوفاة العم المرحوم عبداللطيف الشميس، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.