م. ناصر العيدان

إدمان الهوى

مجتمعاتنا تصلح ان يطلق عليها مجتمعات «نعامية»، حيث اننا مجتمعات نتقن وباحترافية، كيف نخفي رؤوسنا في التراب هرباً من المواجهة وحل المشكلة. أصبحت الايحاءات الجنسية اليوم في كل ثغرة من حياتنا، من دون أدنى إحساس بالمسؤولية المجتمعية… المادة والمال أصبحا الغالب على كل شيء، وهذا المبدأ نبذته ورفضته الحضارة الغربية قبل الشرقية. هذه الايحاءات هنا وهناك، هي مرض نفسي قبل ان يكون اجتماعيا، فمجرد القبول بها بأي صورة كانت – وكثير منا كذلك – هو بمثابة القبول بالمخدر، أو السم، ولا يقبل بذلك الا مريض أو «مدمن».

اليوم أعظم المغنين الأجانب على وجه الأرض لا يستعينون بمشاهد جنسية، الفنانة الإنكليزية أديل على سبيل المثال، أطلقت أغنية واحدة تربعت في غضون أسبوع على عرش الأغاني وكسرت حاجز المبيعات، وعندما تشاهد تصوير الأغنية لا تجد فيه أي اسفاف جنسي أو مسخرة! الأفلام كذلك، لقد مررت على أغلب الأفلام الثمانية التي ترشحت لجائزة الأوسكار الأخيرة، جميعها تحاكي روايات جبارة ودراما خيالية، وليس بها مشاهد ايحائية أو جنسية تذكر، فهل هذه النجاحات تعكس أهمية وجود مثل هذه المشاهد في انتاجنا العربي الفني؟ هل تثبت هذه الأعمال فشل نظرية «الجمهور عاوز كده»؟ الجمهور «عاوز» الإبداع والقيمة والفن الراقي.

تكلم الكثير من المختصين عن ظاهرة نفسية منتشرة، وهي ظاهرة أو مرض «الإدمان الجنسي»، وهذا الإدمان له آثاره الاجتماعية والنفسية التي غفل المسؤولون عنها. فتقول الاختصاصية الدكتورة ليال أبي زيد ان المصابين بهذا الإدمان تنعكس انفعالاتهم على اعمالهم، وعلى حياتهم الاجتماعية وعائلاتهم، حيث انه إذا لم يمارس الجنس تجد هذا الشخص متوترا بصورة أو أخرى، وهذه الحالات تحتاج الى مراجعة طبيب نفسي بل إلى أدوية علاجية. وتؤكد الاختصاصية ان هؤلاء الأشخاص «غير سعيدين» حتى في ممارسة الجنس، لأن الغريزة والمرض يتفاقمان. إن سكوتنا عن انتشار هذه المواد الإعلامية الساقطة في الكليبات والأفلام كمن يسكت عن سقوط قطرة الماء على الصخرة حتى تثقبها. تنشئة الشباب مسؤوليتنا جميعاً، والمستقبل هو نتاج شباب واعٍ وسليم عقلياً… ونفسياً.

Nasser.com.kw

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

م. ناصر العيدان

م. ناصر بدر مطر العيدان، حاصل على بكالريوس في الهندسه و ماجستير في إدارة أعمال / صحفي وكاتب مقال

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *