أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع

إعادة الجسار.. إعادة لهيبة الدولة

قرار إعادة توزير المهندس أحمد الجسار قرار جريء، ويستحق الإشادة، لأنه يكرّ.س مبدأً مهماً وسابقة تعيد للدولة مكانتها وهيبتها.. شخصياً، لا أعرف المهندس أحمد الجسار، لكن أسمع عنه كل خير، وأعلم أنه من أبناء الكويت الذين يعملون بصمت، طوال مدة خدمته الحكومية، إلا أنه كان ضحية لضياع القرار الحكومي الشجاع، فحكوماتنا اعتادت منذ التحرير أن تتصرف تحت هاجس الخوف، فبمجرد تلويح بعض أعضاء مجلس الأمة بمساءلتها سياسيا، إن لم تُوقف مشروعاً معيناً أو تحيل مسؤولاً محدداً للتقاعد، أثار هؤلاء بشأن معلومات مغلوطة أو شبهات لا أساس لها، حتى تبادر الحكومة إلى إلغاء المشروع أو تجميده أو تحيل المسؤول عنه للنيابة من دون تهمة واضحة، ربما تحقيقا لغاية مؤسفة، وهي الإفلات من المحاسبة السياسية، ويتم ذلك بإحالة الأبرياء من أهل الكويت إلى النيابة، أو ربما الى ديوان المحاسبة، أو ربما مستقبلا الى هيئة مكافحة الفساد، وتلحق هؤلاء إساءة لهم ولعوائلهم ولذممهم ويصبحون حديثا للمجالس وتتناولهم ألسنة الناس بما هو مسيء اليهم، لا لذنب ولا لمخالفة ولا لسرقة ولا لأي فعل مخزٍ، وإنما لأن وزيرهم أو وكيلهم جعلهم كبش المسؤولية، لما ينبغي أن يتحمل مسؤوليته، بل وما كان ينبغي عليه أن يقوم بالتحقيق به داخليا ويقف على الحقيقة ليتصدى للاتهامات والمعلومات المضللة التي لوح بها النواب بمبدأ المواجهة الجريئة، وعدم الرضا من إلحاق الأذى بذمم الأبرياء وسمعتهم، تحقيقا لمكاسب سياسية ونجاة بطوق إغراق جثة هؤلاء الأبرياء، اندفاعا بمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، وما أسوأها من غاية وما أهونها من وسيلة، يتم بهما تقاذف المسؤولية وتحميلها للآخرين!
ولذا، فإن قرار إعادة الوزير الجسار هو تصحيح لخطأ التخلي عنه وإلقاء بالمسؤولية عليه، وهو ما ينطبق على كثير من أمثاله، ومن ثم فإن إعادة الاعتبار اليه بإعادة توزيره هي إعادة اعتبار لحكومة فقدت قدرتها في الدفاع عن نفسها وكبار موظفيها، بل هي إعادة اعتبار للدولة التي راحت أحيانا ضحية الأجندات السياسية، التي ألحقت الأذى والإساءة الى كثير من المسؤولين الأبرياء، مما نتج عنه شل المسؤولين عن اتخاذ القرار، لأنه لا يشعر بأن له سندا أو حماية من الحكومة، التي تتخلى عنه بمجرد إثارة أي معلومات مغلوطة عنه، فهلا كررنا السابقة، بل ومنعنا الضرر قبل وقوعه، فهلا حلمنا أن تكون لدينا حكومة تحفظ هيبة الدولة ولا تعيش هاجس الخوف؟!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *