سامي النصف

هل سترجع دول الخليج للفقر؟!

من يسكن أو يزر دول الخليج يعلم أن كثيرا من عادات الغذاء واللباس القائمة هي موروثات عقود وقرون من الفقر الشديد، فالقهوة والشاي يقدمان بكميات قليلة في فناجين وأكواب صغيرة كي لايكون هناك فائض، والأكل يعتمد على الرز مأكول الشعوب الفقيرة والذي يوضع في صحن كبير يلتم الجميع حوله والسبب ان ما يزيد على طرف يأكله طرف آخر دون المساس بكرامته، فلا يبقى شيء بالصحن في نهاية الأمر بعكس الشعوب الغنية التي تخصص صحنا لكل فرد، والحال كذلك مع لباس الدشداشة التي لا يضيع قماشها كحال البدل ولا تحتاج الى إضافات كالقميص والكرافتات ويمكن أن يلبس تحتها أي شيء للدفء حتى دشاديش أخرى وقد بقيت تلك الموروثات رغم الطفرة والتي تظهر أن الثراء هو الاستثناء والفقر هو الأساس.

***

والفارق بين الغنى والفقر للدول والافراد قائم على الفارق المالي بين الحاجيات والدخل المالي، فكلما زاد الدخل عن الحاجيات زاد الثراء، وكلما قل الدخل عن سد الحاجيات زاد الفقر، وقد تكون الدول الخليجية هي الوحيدة التي خرجت بحسن إدارتها لثرواتها النفطية من دائرة الفقر التي تتسم بها دول منطقة الشرق الاوسط (رغم وافر ثرواتها من نفط ومياه… إلخ) لأسباب عدة منها سوء الادارة والفساد اللذان اشتهرت بهما الانظمة الثورية بالمنطقة وضياع الموارد بالحروب والمخصصات الضخمة للجيوش إضافة الى الزيادات السكانية الرهيبة.

***

ما قد يحدث لبعض دول الخليج مستقبلا اذا ما استمر انخفاض سعر النفط لسنوات طوال دون بدائل حقيقية للدخل، هو تراكم العجوزات في الميزانيات المالية وتسييل الاستثمارات والاحتياطيات النقدية وما سيتبعه قسرا من خفض في أسعار عملات لدول تستورد كل شيء مما سيجعل دخل المواطن الخليجي لا يمكّنه من الحصول على حاجياته الاولية وتتحول تلك الدول من الثراء الى الفقر.

***

آخر محطة: (1) الاموال الخليجية ساعدت وساهمت بدعم الدول العربية، لذا فأي تغيير سالب بأحوال دول الخليج وتحولها من الثراء الى الفقر سيكون له أضرار كبيرة على دول المنطقة.

(2) قد يكون هناك جانب سالب للمال الخليجي وهو تعويده قطاعات كبيرة من العرب التي عملت بالخليج أو استفادت دولها من أموال الخليج، على الترف والخدم وبناء القصور بدل البيوت واقتناء السيارات الفاخرة الضخمة بدلا من السيارات المتوسطة والصغيرة المناسبة.

(3) كانت بعض دول الخليج أمام طريق مسدود قبل 7 عقود فقط حين بارت تجارة اللؤلؤ وتم الحد من استخدام السفن الخشبية في التجارة فأتت معجزة النفط، فهل نحن بالخليج في انتظار معجزة أخرى في القادم من الأعوام، أم أن زمن المعجزات قد ولى وانقضى؟!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *