سامي النصف

الميانة العربية ـ العربية في زمن الوحدوية!

بلغت الميانة العربية ـ العربية في زمن طغيان الشعور القومي والعروبي درجة أضرت بذلك الشعور والداعين إليه، فقد زار مجلس قيادة الثورة الحاكم باليمن الذي مزقته الخلافات الرئيس عبدالناصر في القاهرة، ولما لم يستطع ان يصلح بينهم رماهم جميعا في السجن ومنعهم السجانون حتى من الذهاب إلى الحمام، حينها قال القاضي الجليل احمد النعمان، وكان من المسجونين ومصابا بداء السكري، مقولته الشهيرة التي ارسلها للرئيس عبدالناصر: «كنا نطالب بحرية القول فأصبحنا نطالب بحرية البول».

***

ووصل إبان تلك الخلافات اليمنية ـ اليمنية د.عبدالرحمن البيضاني، وهو نائب لرئيس الوزراء اليمني واستقبل بشكل رسمي في القاهرة وعقد عدة جولات من المباحثات حول التعاون المشترك وختم زيارته بلقاء عاصف مع الرئيس عبدالناصر، ولم يستطع ان يصلح بينه وبين زملائه في القيادة اليمنية الذين اتهموه بالطائفية واثارة الفتنة بين الشوافع والزيود، فخرج من اللقاء الى المطار ومن ثم إلى بيروت كسفير لمصر في لبنان!

***

وضمن تلك الميانة، اعلن السوري ميشيل عفلق حكمه للعراق في اكتوبر 1963 بعد ان احتدمت الخلافات بين البعثيين على اعمال وجرائم الحرس القومي ما جعل الرئيس عبدالسلام عارف الذي كان في بداية حكمه اقرب للرئيس الصوري والمعروف بتشدده الديني وحتى الطائفي، يقوم بانقلاب تصحيحي يدعمه بعض البعثيين ضد بعضهم الآخر، وينتهي بتعيين القيادي علي صالح السعدي سفيرا للعراق في مدريد، وكان النهج المعتاد في سورية والعراق ان يعين «الانقلابي» المدني او العسكري سفيرا او ملحقا عسكريا بالخارج دون اراقة دماء قبل ان تحكم المنظومة السرية فتثخن في القتل بالداخل والخارج وحتى للسجناء في زنزاناتهم.

***

وتلك الميانة هي التي جعلت قيادة القيادة القومية في حزب البعث في سورية تسقط عام 1964 بالانتخاب (عندما كانت هناك انتخابات) مؤسس الحزب السوري ميشيل عفلق من منصبه كأمين عام للحزب الذي تولاه لـ 18 عاما لصالح الاردني د.منيف الرزاز ليخرج عفلق مهاجرا إلى المانيا قبل ان تصدر عليه اللجنة العسكرية حكم الاعدام باسم حزب البعث لمؤسس حزب البعث ومن ثم يلجأ للعراق خوفا من الاغتيال الذي طال كثيرا من القيادات البعثية الهاربة.

***

آخر محطة: في اجتماع عام 1964 في دمشق قررت قيادات اللجنة العسكرية السرية الحاكمة من خلف ستار تحت مسمى حزب البعث في سورية عدم رضاها عن اداء حزب البعث العراقي، لذا اوكلت إلى شخصية بعثية عراقية مغمورة لا يعرفها احد مهمة اعادة هيكلة حزب البعث العراقي، وكان اسم تلك الشخصية .. صدام حسين التكريتي!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *