سامي النصف

الجذور التاريخية لما يجري بالمنطقة!

لو اختلفت مع ابنك وأبقيته في بيتك فعادة ما تنتهي الأمور بسلام ووئام، أما عندما تقوم بطرده من البيت أي ملجأه الآمن فالأرجح أنك ستدفع لاحقا أثمانا باهظة لذلك الفعل كونه على الأرجح سيضطر لمصادقة من سيدله على دروب الشر والإجرام للعيش، وهذه البديهية هي أحد الأسباب الخفية والحقيقية للدمار الذي تشهده الساحة العربية!

***

كان الإنجليز إبان حكمهم واحتلالهم للدول العربية حكماء بهذا الشأن فعندما اختلفوا مع الزعيم أحمد عرابي وصحبه وسعد زغلول ووفده وحتى مع المرحوم عبدالعزيز الشملان ومن معه في البحرين لم يطردوهم من بلدانهم ويتركوهم عرضة لاحتمال تأثير القوى المنافسة كالفرنسيين وغيرهم عليهم بحكم حاجتهم لوطن بديل وسبل للعيش، بل قام الإنجليز عند النفي المؤقت للزعامات الوطنية سالفة الذكر وغيرهم بإسكانهم في قصور بالمنفى وتخصيص مبالغ مجزية لهم تحفظ كرامتهم بل تم تخصيص أفضل كبائن السفن، ومنها كابينة القبطان كما حدث للعم عبدالعزيز الشملان، لهم في طريقهم للمنافي!

***

أتت كارثة الكوارث مع قدوم الحكومات الثورية العربية بعد 23 يوليو 1952 حين تم قمع القوى اليسارية والماركسية والعمالية بمصر في أغسطس 52 وتلاها في نوفمبر 53 المحاكمات الصورية لزعامات القوى السياسية بالعهد الملكي والتي لم يكتف بإرغامها على ترك أوطانها بل صدر قرار غادر بإلغاء عملة 100 جنيه كي لا تنفعها الأموال التي اصطحبتها معها للخارج، وتلا ذلك التعسف في محاسبة الإخوان بعد محاولة اغتيال عبدالناصر عام 54 مما جعل من تبقى من قياداتهم تهرب للخارج وتكرر الأمر في العراق وسورية وليبيا واليمن ..إلخ وفي أغلب الأحوال كان من السهولة على القوة المتنفذة بالعالم وأجهزة مخابراتها أن تجند وتؤثر على قرارات تلك القيادات التي استقرت بالمنفى وهي في أوج ضعفها ترسلها وأتباعها بعد عقود كقنابل موقوتة لتفجر أوطانها بألف طريقة وطريقة.

***

آخر محطة:

(1) يختلف الساسة في الدول الغربية والآسيوية إلا أنهم يبقون جميعا في أحضان أوطانهم الدافئة وهذا سبب استقرار بلدانهم، وفي المقابل تفجر بعض أوطاننا العربية.

(2) قبل ذلك استغلت ظروف عدم وجود الوطن الدائم للشعب الفلسطيني واستغلال الحاجة للوطن البديل لتجنيد الانظمة الثورية العربية ومخابراتها لبعض القيادات الفلسطينية حتى أصبح زعيم هذا التنظيم أو ذاك عميلا في مخابرات تلك الأنظمة ليتم استغلاله في عمليات التخريب والارهاب وخطف الطائرات وادخال البلدان الأخرى في حروب أهلية كما حدث في الأردن ولبنان مما كان له أسوأ الأثر على مسار القضية الفلسطينية.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *