عبداللطيف الدعيج

من يقتل ومن يجلد ومن يسجن سواء

اذا كانت شعوب بني يعرب وامة محمد لديهم ازدواج شخصية عندما يتعلق الامر بالحريات، وحرية التعبير بشكل خاص، فان حكومات هذه الشعوب لديها هذه الازدواجية بشكل اوضح وحتى اكثر بشاعة. حكومات الدول العربية التي ادانت عملية «شارلي هبدو» واستنكرت العمل الاجرامي الذي قام به الاخوان «كواشي» او ايا كان اسمهم هي ذات الحكومات التي تضطهد المعبرين عن رأيهم ملاحقة وسجنا وحتى جلدا وتحقيرا. حكومتنا حتى لا نروح بعيد، وحتى ايضا لا نسجن او نضطهد بحجة تعريض امن الدولة للخطر لاننا عرضنا علاقات الكويت للقطع مع دولة شقيقة. حكومتنا نددت واستنكرت العملية في وقت اضطهدت فيه الخارجية مبارك الدويلة واعتقلت النيابة صالح الملا.

اذا كانت حكومتنا تستنكر فنحن من حقنا ان نسأل.. من يربي ويعلم الناس العداء لحرية التعبير. من لقنهم وحفظهم ان ليس من حق الغير انتقادهم او التعرض لما يؤمنون به او يقدسونه؟. في دول بني يعرب وامة محمد كل شيء مقدس. وكل شيء محصن ضد حرية التعبير. خصوصا التراث والمعتقدات. بل وكما بيّنا سابقا كل شيء منزه عن النقد، ومحصن ضد الانتقاد. اجتماعيا او دينيا او سياسيا.

اذا كانت قوانين هذه الدول تعاقب من يعبر عن رأيه بالجلد او الحبس او حتى الغرامة فما الضرر ان تحمس البعض واطلق النار. بل ان كانت هذه الدول بهذه القسوة والفظاظة في التصدي لمن يعبر عن رأيه من مواطنيها فما الداعي لهذا الموقف المتشدد من جريمة «شارلي هبدو»؟. حسب سجل دول منطقتنا وحكومتنا في المقدمة بالطبع في التعامل مع قضايا الرأي. المفروض ان تنضم هذه الدول الى ربيبتها دولة «داعش» وتثمن وتزكي العملية. بل الاكثر واقعية ان تتبناها وان تتولى رعاية ودعم اسر «البطلين» اللذين نفذا العملية مثل ما كانت تفعل مع «ابطال» عمليات فلسطين!

ان معاداة حرية التعبير واحدة. سواء كانت بالقتل او الجلد اوالسجن او حتى بالغرامات الباهظة. ففي النهاية الهدف واحد وهو تكميم الغير ومنعه من ابداء رأيه.. وهي ايضا واحدة، سواء قامت بها حكومة مفروضة او حكومة منتخبة او ايدها ناخبون مثل ناخبي كتلة الاغلبية او حتى مجمل ناخبي دولة الكويت.

***

لا اعتقد انها تسوى مقالة خاصة بها. لكن كلمة النائب السابق مسلم البراك في وقفة التضامن مع صالح الملا يجب الا تمر دون تعليق. فالنائب السابق «دبل جبودنا» باجترار التعديات المزعومة على المال العام. في وقت اتى للدفاع فيه عن الحرية وحق التعبير. لم يكتف بهذا، بل مضى يستعدي بعض السياسيين ويحرضهم دون ان يقصد – ربما يقصد الله اعلم- على صالح الملا. فالمفروض في من اتى للتضامن مع حرية الرأي ومع صالح الملا ان يمد يده للجميع وان يحاول حشد كل الناس في سبيل القضية. مسلم البراك فضل في هذا الوقت العصيب ان يثير حنق الاخرين ويستعديهم على الملا وعلى حرية الرأي بدلا من ان يكسبهم معه.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *