عبداللطيف الدعيج

أهل الطبطبائي

النائب وليد الطبطبائي يكره كل شيء مدني. ويحارب بشكل خاص كل مظاهر السعادة والفرح التي يجلبها المجتمع العصري المدني. يتدخل بعنف ومثابرة غريبة في كل شؤون الناس الصغيرة والخاصة التي لا تتفق و«تنسكه» وتعبده. هاجم واعترض على كل شيء، من التصفيق في الحفلات الغنائية الى تدخين «الشيشة». السيد الطبطبائي يريد للناس ان يتعبدوا وان يتهجدوا. وسبق له ان طالب الدولة بتوفير اجازة خاصة لمن يريد ان يعتكف في المسجد. باختصار مثل غيره من المتطرفين الدينيين. حارم نفسه من مباهج وملذات الحياة، ويحرص على الا يتمتع غيره بما حرم نفسه منه!
آخر صرعات او طلعات النائب الطبطبائي هو استنكاره لاقامة حفلات في دار الاوبرا بالذات، في وقت ترتكب فيه المجازر الوحشية بحق «اهله» في حلب حسب قوله. العجيب ان استنكار النائب اتى مباشرة بعد ان هلل وكبر، وربما غنى ورقص واحتفل على طريقته بفوزه في الانتخابات، حلال له، وعليه ان يفرح وان ينتشي بفوزه، بينما حرام على الآخرين ان يستمتعوا بما حرموا منه طوال العقود الماضية. بعدين انت عندك اهل في حلب، انا لا اتكلم باسم الآخرين، لكن انا ما عندي اهل، لا في حلب ولا سوريا ولا فلسطين ولا في الروهينغا، ولا في اي مكان آخر غير الكويت، فلماذا لا يحق لي الاستمتاع بما تقدمه دار الاوبرا من بهجة وفرح؟!
السيد الطبطبائي وامثاله لا يملكون الجرأة على اعلان مواقفهم ودوافعهم الحقيقية، فهي غير مقبولة شعبيا. لهذا يتخفون خلف المآسي الكثيرة التي تحل بهم او الانجازات النادرة التي يحققونها لمحاربة ومحاصرة ما لا يتفق ونهجهم. على مدى سنوات حرمونا من الاحتفال باعياد الاستقلال والتحرير بحجة احترام مشاعر اهل الاسرى والشهداء، وهم ربما لا يعترفون لا بالاسرى ولا بالشهداء. فهم لم يؤسروا او يستشهدوا في «سبيل الله»، بل في سبيل الكويت. لكن الرغبة في محاصرة الفرح ومحاربة الانتماء «الوطني» دفعتهم الى تبني احترام مشاعر اهل الاسرى والشهداء.
اهل الطبطبائي، من عرب ومسلمين يُقاتَلون ويَقتلون في كل مكان. ولا تتوقف مصائبهم او حروبهم الا قليلا. فالمنطقة او العالم باسره يعيش في فوضى ومآس لا حد لها منذ بداية الصحوة الدينية. في افغانستان والشيشان وكوسوفو واندونيسيا والفلبين ثم العراق وسوريا وليبيا والروهينغا وغيرها.. ولا يكاد يخلو مكان في العالم من اضطراب يكون «اهل الطبطبائي» طرفا فيه.. فهل علينا ان ندفن انفسنا في الحزن والغم، لان اهل السيد وليد بالكاد يركدون؟!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *