فؤاد الهاشم

«من الإنجليز إلى…كامب ديفيد»!

قال أمين عام الامم المتحدة الأسبق الدكتور المصري «بطرس غالي» -الذي كان وزيرا للخارجية أيام الراحل أنور السادات وكان له دور أساسي ورئيسي في مفاوضات «كامب ديفيد» – خلال لقاء تلفزيوني مطول إن ..«العرب اعتادوا علي إلقاء اللوم علي الإنجليز في كل فشل يصادفونه ،فالانقلابات العسكرية التي يفاجئون بها شعوبهم في الساعات المبكرة من الفجر هي سبب مؤامرات الإنجليز علي الوطن ومقدرات الأمم «الحروب الأهلية والأزمات السياسية والكوارث الاجتماعية والتقسيمات الجغرافية التي تطال بلدانهم ومقدراتهم إنما هي من افعال الإنجليز ! ثم ..دارت الايام وجاء السادات باتفاقية «كامب ديفيد» التي أعادت صحراء سيناء الي الوطن الام وأوقفت نزيف الدم والاقتصاد في مصر ليبدأ العرب -كل العرب – بإلغاء كل أزماتهم علي «كامب ديفيد» ! اتفاق أوسلو كان سببه «كامب ديفيد» تقسيم السودان خلفه «كامب ديفيد » الصراع المغاربي وراءه ..كامب ديفيد!! «البوليساريو» ،إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر … الي آخره!! كل ذلك ألقي فوق كاهل الرئيس المصري الراحل «أنور السادات»!!

يروى عن الملك المؤسس الراحل الكبير «عبدالعزيز بن سعود» انه قال :جاءني من يطلب مني طرد الانجليز من جزيرة العرب ،قلت لهم لقد كنا نجلس فوق الرمال ولا ندري ما الذي تحتنا من ثروات ،فجاء الانجليز وأخبرونا بأن هناك محيطات من النفط تحت كثبان الرمال هذه ، لم نعرف كيف نستخرجها ، فجاء الانجليز واستخرجوه لنا ، لم نعرف كيف نبيعه ، فجاء الانجليز وباعوه لنا، أخذوا نصيبهم وأعطونا نصيبنا ، استفدنا منهم مثلما استفادوا.. منا !

كانت «عدن» عاصمة جنوب اليمن ايام الانجليز – جنه من الجنات الأرضية وأول من حازت علي لقب «جنة عدن» وقد زرتها ايام الحكم الشيوعي في الثمانينيات واستقبلني مرافق شيوعي يمني جنوبي متشدد في المطار وفي طريقنا الي الفندق شاهدت قلعة كبيره فوق جبل فسألته: «من الذي بناها» ؟ فقال: «الانجليز»! ثم سرنا لعدة كيلو مترات فرأيت ما يشبه اللسان البري داخل البحر أكواخ جميلة وكأنه منتجع ، فسألته :«من الذي بناها»؟ فقال: «الانجليز»! قبل الوصول الي الفندق بدقائق سألته عن الذي رصف ذلك الطريق الأسفلتي الناعم من المطار الي الفندق فقال: «الانجليز»! فقلت له: وأنتم – رجال الثورة ماذا فعلتم؟ .. فقال: «إحنا الي طردنا الانجليز»!! بطرس غالي قال في اللقاء التلفزيوني : «ان الحدث الذي يقع اليوم لن يكون من المنطق ان تكتشف منه ايه نتائج الا عقب مرور ربع قرن ، وهذا ينطبق علي «كامب ديفيد» !! كلام الرجل صحيح ! لو لم يقم السادات بهذا الإنجاز لكان عدد المستوطنات الإسرائيلية في سيناء اكثر من تلك الموجودة في رام الله والقدس والخليل ونابلس وعلى أطراف قطاع غزة ! الأخطر من ذلك إنها ستكون عرضة لمؤامرات كبرى من كل حدب وصوب كما حدث مع شريكتها في الحرب عام ١٩٧٣ لكنها – للأسف – لم تشاركها في السلام وهي ..سوريا!! الانجليز رحلوا – بأجساد جنودهم- منذ عقود لكنهم تركوا «فضلاتهم» التي أطلقوا عليها أسماء «ابوقتادة وبن لادن وأبو حمزة وابو قندرة»!!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *