سامي النصف

انقلاب إمحمد ومحمد الغريب!

في الأعوام الخمسة اللاحقة لعام 1968 بدأت سلسلة انقلابات شديدة الخطورة والتأثير على أحداث العالم ادعى الكثير منها رفع شعارات زائفة تعادي من خلقها وأوصلها للحكم، بينما تعمل سرا على خدمة أجنداته، ومن تلك الانقلابات العراق 1968 والسودان 1969 وليبيا 1969 وسورية 1970 ومصر مايو 1971 وتركيا 1971 وأوغندا 1971، ومحاولتا انقلاب بالمغرب عامي 1971 و1972، وأخيرا انقلاب تشيلي 1973 الذي أدى الى انتحار الرئيس المنتخب سلفادور اللندي كاسترو الذي لم يتبق على ولايته الرئاسية إلا عام واحد ولا يسمح الدستور له بالتجديد. متابعة قراءة انقلاب إمحمد ومحمد الغريب!

علي محمود خاجه

هدوء

على غير العادة وفي عكس الاتجاه المتوقع مضت الأيام العشرة الأولى من شهر المحرم وما يصاحبها من ممارسات لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، بهدوء نسبي وعدد محدود جدا من المشاحنات ومحاولات زرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد. أقول إن ذلك جرى على غير العادة وعكس الاتجاه المتوقع؛ لسبب بسيط أنه في السنوات الخمس أو العشر الأخيرة كنا نشهد تصاعداً حاداً في هذا التوقيت من العام، حيث تستنفر جهود البعض في محاربة الطائفة الأخرى، وتحتقن الأمور بين استفزاز وتجاذب ومهاترات لا تسهم إلا في توتر العلاقة بين الناس من مختلف المذاهب، وكان من المنطقي أن تزداد الحدة مع مرور الوقت، فتلك هي طبيعة المشكلات التي لا تحل، فإن حدتها تزيد وحجمها يكبر مع الوقت، وهو ما لم يحدث ولله الحمد، بل على العكس فقد شهدنا في هذا العام مبادرات جميلة من بعض أبناء الطائفة السنيّة في مساعدة إخوانهم الشيعة في توزيع المشروبات في الطرق كما جرت العادة في المحرم، واستعداد البعض الآخر لاستضافة المجالس الحسينية في منازلهم، وهي مبادرات قوبلت بإشادة وارتياح شديدين، بل انتشرت في مختلف وسائل التواصل مشفوعة بكلمات التقدير والامتنان لتلك الممارسات، وبات الطرفان يتبادلان رسائل "تقبّل الله صيامكم" و"عظم الله أجوركم". من ينظر إلى ما حدث في هذا العام يعتقد أننا أمام مجتمع آخر مختلف عن مجتمع الأعوام السابقة، أو أن معجزة وقعت في نفوس أهل الكويت واستبدلت بالعداء مودة ومحبة، ولكن الحقيقة ليست كذلك، فما حدث باختصار هو اختفاء الكثير من المؤججين ممن كانوا يتلذذون في الظهور في هذه المناسبات ليشعلوا الساحة ويزيفوا ما في نفوس أهل الكويت ليعلنوا عكسها، وقد يكون سبب هذا الاختفاء هو غيابهم عن الساحة السياسية، وبالتالي اختفاء الأضواء الإعلامية التي كانت تسلط عليهم، وتوهم الناس أنهم يعبرون عن رأي المجتمع. لقد حاول البعض المؤجج في الأيام القليلة الماضية إشعال الفتن، بل إن أحدهم قدم مفاتيح الجنة لمن يستجوب وزير الداخلية من النواب على خلفية ما يثار في المجالس الحسينية، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل ولله الحمد، وبالطبع فإن أفول نجم الإعلام المحتكر لعدد قليل من الناس كان له دور أيضا في اختفاء الاحتقان الوهمي الذي سيطر على الناس في السنوات الماضية، بالإضافة إلى أن صراع الشيوخ الذي كان يتوارى خلف أي مشكلة طائفية ليتقرب من فئة دون الأخرى بات أكثر وضوحاً اليوم، ولم تعد تفيده المشاكل الطائفية ليدعم إحداها، كل تلك الأمور أظهرت الروح الجميلة بين أبناء المجتمع واحترام المعتقدات المختلفة بشكل طيب ومريح جدا. وطبعا أنا هنا لا أقول إن الوضع أصبح مثالياً، بل إنه انطلاقة جيدة لإرساء قواعد التسامح واحترام المعتقدات جميعها مهما تعارضت مع ما نعتقد أو نؤمن به، على أمل أن تستمر هذه الروح ولا يزعزعها طالب فتنة وباحث عن الفرقة، فتقبل الله صيامكم أو عظم الله أجوركم. ضمن نطاق التغطية: بالتزامن مع وقت الكتابة جاء خبر مفاده أن جريمة في المملكة العربية السعودية وتحديداً في الإحساء أودت بحياة مجموعة من الأشخاص، علماً أن أساس الجريمة نابع من صراع المعتقدات، وعلى الرغم من فداحة الجريمة وبشاعتها فإنها نتاج طبيعي لما يحاول أن يرسخه البعض من بغضاء وكره طوال السنوات، ولا بد من تغيير المنهج قبل أن تسوء الأمور أكثر، خالص العزاء للأشقاء في السعودية.

احمد الصراف

أفكار داعشية

أؤمن بقوة أن «داعش»، أو استمرارها كقوة، ليست صنيعة أي نظام محلي أو عالمي. كما أؤمن بانها عندما ولدت لم يقل أحد انها صنيعة أميركية صهيونية، فما قامت به من إرهاب في معلولا وغيرها لم يختلف عما قامت به مع سكان الموصل ومع الإيزيدين وغيرهم تاليا، بل كانت الاتهامات تلاحقها وتتغير مع تغير مراكزها وساحات قتالها. ولكن ما الفرق بين من التحقوا بالدعوات الدينية سابقا، وبين ثوار «بوكوحرام» وشباب الصومال وجند داعش والنصرة وغيرهم؟ لا فرق تقريبا. فما يجمع بينهم هو الحرمان من الإمساك بيد فتاة، دع عنك معاشرتها. والفراغ العاطفي والشعور باليأس من المستقبل، والامل الكبير بأن شيئا ما سيتغير ان هم اتبعوا هذا الطريق وتركوا غيره. قد تكون الأزمنة والظروف مختلفة، ولكن بالتمعن في تصرفات وآمال وأحلام شباب الحركات الإرهابية في هذه الأيام، نجد ان جميعهم تقريبا كانوا في لحظة ما من دون مستقبل، وعاطلين عن العمل وضائعين، وربما مدمني مخدرات سابقين وتائبين أو مهتدين جدد، ومحرومين من الجنس، ورافضين لقيم مجتمعاتهم، وخاصة مسلمي أوروبا. وما يجعل غالبيتهم مستميتين في صراعهم هو شعورهم بأن لا أمل لهم تقريبا في العودة لبيئتهم السابقة، بعد أن قطعوا أواصرهم معها، خاصة أن غالبيتهم لا مستقبل مشرقاً تركوه وراءهم، ولا أسرة تنتظر عودتهم، وأمامهم حلم الفوز بالنساء إن انتصروا، وبالحور إن ماتوا. كما أنهم بعنفهم و«استماتتهم» في حروبهم يرفضون قيم مجتمعاتنا، وأن علينا أن نقبل بقيمهم وطريقة حياتهم، وأن قوانيننا المدنية لا تنطبق عليهم، وبالتالي من العبث الحديث بالمنطق مع هؤلاء أو مناقشتهم من منطلقات إنسانية، فالنصوص الدينية، حسب فهمهم، قد شكلت أفكارهم وغسلت عقولهم، واصبحوا لا يعرفون غير العمل بما فهموه منها. فشعور اليأس الذي كان يسكن أضلع هؤلاء، والأمل بالتغيير الذي يسيطر عليهم الآن أعمى بصائرهم عن رؤية أي شيء آخر غير تحقيق حلم الدولة الإسلامية، التي ستفتح روما وتستعيد الأندلس كما يحلمون.
وما يجعل الأمر أكثر تعقيدا أن خصوم أو أعداء هذه الفرق لا يعرفون الكثير عنهم، أو عما يدور في رؤوسهم، كما أنهم، وفي غمرة انتصاراتهم المتتالية غير قابلين للشراء، ولا يجرؤ حاليا أحد من محللي الغرب وعقوله أو صحافته على الالتقاء بهم، ومعرفة ما يدور في عقولهم. وبالتالي فإن الانتصار على «داعش»، بعيدا عن نظريات المؤامرة، لا يمكن أن يكون من خلال إرسال بضع طائرات حربية تدك مواقعهم وتنهيهم كليا، كما يطالب بعض المحللين السذج، فالحل صعب ومكلف وسيطول، وستسيل خلاله دماء بريئة وغير بريئة كثيرة، قبل أن ينتهوا، مؤقتا!
لقد انفقت أميركا، وعدد كبير من حلفائها، مليارات الدولارات، وضحت بآلاف الأرواح من جنودها، وبكل ما امتلكت من تقنيات ومخابرات في سبيل القضاء على بضعة آلاف من طالبان، ولكنها لم تنجح بعد أكثر من 12 عاما! فالقضاء على الإرهاب عملية معقدة، ولا يمكن تصور تحقيق نجاح كامل فيها من دون توفير وظائف لملايين العاطلين عن العمل، والقضاء على الطائفية والقبلية والفساد المجتمعي والحكومي، وتحولنا لأنظمة حكم مدنية، وبغير ذلك فإن «داعش»، وغيرها من منظمات إرهابية، ستستمر إلى الأبد.

أحمد الصراف