فؤاد الهاشم

«عطني وأعطيك و..طعميني وأطعميك»!!

من «عاداتنا وتقاليدنا» وتراثنا الكويتي «القديم والمترسخ والمتجذر داخل أسلاك ساعات البولغاري وتحت مقاعد الفيراري وبوسط حقائب بربري وفوتون» وغير ذلك كثير من الماركات والموديلات .. إنه حين يعلن طفل كويتي غضبه وزعله من صديقه في المدرسة فإنه يضع إصبعه الخنصر «الصغير» على فمه ويبلله بلعابه ثم ينفضه أرضا قائلا لصاحبه : «أنا محاربك .. وما حاجيك» ومعناها باللغة العربية لغير الناطقين بالعامية «سأقاطعك وأخاصمك ولن أتحدث إليك .. أبدا»!! من هنا جاء «الحمض النووي _ الكويتي» لما تم تسميته لاحقا وبعد عقود من الزمن بسياسة «العزل الاجتماعي » التي اقترحها النائب السابق ضد كل من من لم يقف معه في خندق واحد سواء أكان وزيرا أم نائبا أم شيخا أم إعلاميا أو حتى مواطنا عاديا أغلى أمانيه «سرير في مستشفى عند الحاجة» ومقعد في جامعة لولده وعريس لديه منزل ..لابنته !!

النائب السابق لم يخترع سياسة «العزل الاجتماعي » هذا كما أوردنا في السطور السابقة أصولها وبدايتها وقد عاصرت شخصيا خلال عملي طيلة ثلاثة عقود في بلاط صاحبة الجلالة الصحافة _ أمثلة متعددة عن دبلوماسية .. «أنا محاربك .. وماحاجيك»!! كلما وجهت انتقادا حادا وشديد اللهجة لنائب في البرلمان أو وزير في الحكومة أو مدير في هيئة أو مسؤول في جهة ثم التقيه مصادفة خلال حفل دبلوماسي أو عشاء رسمي أو حتى في سوق شعبي أجده وهو «يفرفر» في رأسه يمنة ويسرة كأنه «جربوع يبحث عن مهرب » حتى يتحاشى مواجهتي ومن بعدها يضطر لإلقاء التحية أو الرد عليها!

يجهلون تماما أن الانتقادات الصحافية ليست موجهة إلى شخوصهم بل إلى .. مناصبهم ولو كانوا جلوسا في مقهى شعبي يتلهون بقضاء الوقت في اللعب بأصابع أقدامهم وأكل «الصويخات» لما تحدث عنهم احد ولا ذكرهم إعلام واحد !! صادفت أحد هؤلاء «الجرابيع» ذات ليلة خلال حفل اجتماعي فقرررت أن.. ألاعبه! أشاح بوجهه واستدار إلى جهة اليمين، فخرجت عليه من جهة اليسار ثم انحرفت باتجاهه.. يمينا! انتكس على عقبيه ودس نفسه بين وزير شيخ ووزير شعبي، فأجريت حركه التفاف سريعة مرقت خلالها كالسهم بين نائب بدوي وآخر حضري . صار «جيري» وكنت له..«توم»! كل «طموحي في الحياة» -وقتها- أن «أسلم عليه» وأثبت له أن الانتقاد كان لعمله وليس.. لشخصه لكنني فشلت، فقد تحول إلى «قط جريح» خشيت أن احشره أكثر من اللازم، فيرتفع «عواؤه الباكي» في قاعة الأفراح -تلك- المليئة بأهل «العادات والتقاليد» ذاتها التي تجعل من دبلوماسية «العزل الإجتماعي» إرثا يتداوله الأبناء بعد الآباء والأحفاد بعد.. الأبناء!! ماذا لو اكتشف النائب السابق – صاحب الاقتراح – بأن سياسة «العزل» هذه قد عزلته هو قبل أن تعزل.. خصومه؟! ماذا لو إكتشف بعد كل هذه السنوات من التجمعات والمظاهرات والاقتحامات أن عدد الذين تركوه وانضموا للمعسكر الأخر أو الذين تركوه ولم ينضموا للمعسكر الآخر صاروا أكثر من الذين معه؟ فمن سيعزل من؟! سياسة «أنا محاربك.. وما أحاجيك» مقبولة ومعقولة من أم مقهورة من ولدها «الشارد»، أو زوجة «مفقوعة» من زوجها.. «الداثر» ، لكنها غير مقبولة على الاطلاق من نائب مخضرم يعلم جيدا أن «فن السياسة» ان تتحاور مع «إبليس» و تصافح «الملاك» وتعقد صفقة مع «الشيطان» وتمسح على رأس «الثعبان» ، وفنون «السياسة» هي.. «خذ وهات» و «عطني وأعطيك» و..«طعميني وأطعميك» و..«تحازيني و أحازيك»!! هذا مالزم قوله.. ودمتم أجمعين!!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *