مبارك الدويلة

أبناء الأسرة.. وضياع البلد

لا أجد مبرراً لهذا التوتر الذي تشهده الساحة السياسية في الكويت من جميع الاطراف! التفسير الوحيد الذي لدي ان البعض عندنا غير مؤهل لممارسة السياسة بديموقراطية تحترم الرأي الآخر! وغير مستعد لتفعيل الادوات السلمية لتبرير المواقف، لذلك تجده متوترا وهو يرى خصمه يمارس العلنية والشفافية والسلمية في طرح آرائه المخالفة لفكره ورأيه!

اكتب المقال قبل ان استمع الى ما سيقوله مسلم البراك الليلة (أمس)، ولا يهمني ما سيقول، فأنا عندي يقين بأن البلد يسير بشكل خاطئ منذ عدة سنوات، وسواء كشف البراك معلومات تفصيلية ام لم يكشف، فليس لدي شك في ان البعض استخدم المال السياسي بشكل اجرامي لكسب الولاءات، وانه ونظراً إلى صغر حجم الدولة وعدد سكانها فان المؤشرات الاولية تبين ان الفعل الاجرامي وصل الى معظم مرافق الدولة وطال معظم المسؤولين! وانا لا انتظر من البراك ولا من غيره ان يبين لي من هم المسؤولون الذين تدنسوا بهذه الجريمة ولا بأسماء في القضاء – إن وجدوا.

الذين اصابهم الخبث، ولا بالارقام التفصيلية للمبالغ المحولة للحسابات، الذي يهمني هو كيف سيتم التعامل مع هذه القضية؟!

البعض يحرص على اثبات ان التهمة لم تصل الى القضاة، وهذا ما يتمناه كل واحد فينا، والبعض يحرص على اثبات ان الارقام مبالغ فيها، وآخرون يرون ان الموضوع صراع اجنحة في الاسرة الكريمة، كل هذا ايضا لا يهمني! الذي يهمني ومتأكد انا منه ان الخلل موجود، وان الوضع خطير وان التعامل الخاطئ مع المشكلة سيزيد من تفاقمها، والبلد صغير وقد لا يحتمل هذا الانحدار!

لذلك، أعتقد انه قد آن الاوان لاتخاذ قرار تاريخي بشلّ يد المعنيين بالحدث الفتنة وتشكيل لجنة محايدة ونزيهة من القضاة والمستشارين والخبراء الذين لم تطلهم الشبهات، للبحث في الملفات المثارة، وقد يقول قائل ان الموضوع معروض اصلا على النيابة، ونقول ان الوضع هذه المرة يختلف! فالاحكام التي صدرت أخيرا في بعض القضايا، وورود اسماء بعض القضاة من ذوي السمعة المحترمة في الكشوف المتداولة يلزمنا بابعاد القضاء بشكله الحالي عن هذه القضية، ولا يمنع ذلك من استخدام خبرات البعض ممن لم يرد اسمه بالملفات، شريطة الا تكون له اغلبية، كما انه من الممكن ان يتشكك البعض في لجنة تشكل، وربما يراعي فيها اوضاع الاطراف المتهمة لقربها العائلي او لوضعها الاجتماعي، ونقول ان الموضوع هذه المرة مرتبط بوجود البلد واستقراره! فمن أراد اصلاح حال البلد فعليه ان يزيل معوقات استقراره ومنغصات امنه، فان لم يكن التدخل هذه المرة حازماً، وكما يقولون «يقطع العرق من ساسه»!.. «فلا طبنا ولا غدا شرنا»!

لاول مرة منذ التحرير اخاف على البلد من الضياع! ان ثبتت صحة ما اثاره احمد الفهد وذكره البراك، فالوضع يستلزم فزعة كويتية رسمية وشعبية، يتصدرها ابناء الاسرة قبل غيرهم، وليس فقط تجمع في ساحة الارادة! وان ثبت انها فبركة نتيجة صراع بعض اجنحة في السلطة فالوضع لا يقل خطورة، ان كان بعض ابناء الاسرة مستعدا لاضاعة البلد من اجل تصفية خصومة السياسيين! اذاً، الكرة في ملعب الاسرة، وما الشعب الذي خرج في «الارادة» الا معبّر عن خوفه على بلده ومستقبل اجياله، وهذه الاخيرة بالذات أتمنى ان يفهمها الاخوة المعنيون بالتعامل الامني مع الحدث!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *