سامي النصف

تغيير الثقافات جزء من الأمن الوطني

نرحب بضيوف الكويت الكبار الأمير مقرن بن عبدالعزيز والأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز وجميع القيادات الخليجية المشاركة في الاجتماع الأول لرؤساء أجهزة الأمن الوطني، متمنين لهم طيب الإقامة بين أهلهم ومحبيهم في بلدهم الكويت وان يوفقهم الله في تحقيق ما تصبو اليه شعوبنا من تعزيز نعمة الأمن الذي هو الركيزة الأولى للتنمية والتقدم والتطور.

يترحم كثيرون هذه الأيام بشكل محق على حقب الملكية في مصر والعراق وليبيا بعد الأهوال اللاحقة التي شهدتها تلك البلدان وشعوبها، والحقيقة ان أحد أهم أخطاء تلك الفترة هو سكوت القادة والساسة عن الهجمات الشرسة التي تعرضت لها بلدانهم من وسائل الإعلام الثورية المعادية، على مبدأ ما الذي نخشاه مادمنا نقوم بعمل الصح فلا قمع ولا قتل لدينا بل ألفة وتواد وتراحم وحرية رأي وإعلام؟!

لقد اكتشف الجميع فيما بعد خطأ ذلك التوجه، فالبضاعة الجيدة والإنجاز والأعمال الجليلة التي يقوم بها القادة والساسة لا تصمد بذاتها بل تحتاج الى عمليات إعلان وإعلام فاعلة ومتواصلة للإشارة لها والإشادة بها والكشف عنها حتى تحصن الشعوب من دعاوى الافتراء الخارجية المضللة، وكي يتصدى الإعلام المتقدم الفاعل للكاذبين والمفترين بدلا من ترك تلك السموم تسري ببطء في عروق الدول والشعوب فتؤدي للخراب والموت.

ان دولنا الخليجية ومعها بعض الدول العربية العاقلة المنجزة بحاجة ماسة لخلق سياسات إعلامية فاعلة مشتركة تفنّد وتقوّض أسس الثقافة السالبة السائدة في محيطنا العربي والمتأثرة بموروثات الإعلام الثوري المعادي الذي يصغّر بخبث أمام الشعوب من حجم الإنجاز مهما كبر ويكبّر بالمقابل من حجم الفساد مهما صغر، كوسيلة لخلق حالة تذمر وعدم استقرار دائم يقتات عليه الأعداء.

إن الأمن الوطني بشقه «الوقائي» يحتاج لمثل هذا النوع من التحرك السريع «فدرهم وقاية خير من قنطار علاج»، ولا شك في أن قضايا الإرهاب والتطرف وعمليات التخريب والتحزب والقبول بمبدأ الولاء الخارجي هي نتاج طبيعي للقبول بالثقافة السالبة الهدامة سالفة الذكر التي يبثها ويروج لها إما المغرضون أو المغفلون.. وما أكثرهم!

آخر محطة: كنا أول من طالب في مقال منشور قبل أكثر من عشرة أعوام بإصدار تشريع لحرية الحصول على المعلومات شبيه بالقانون الأميركي المسمى بـ Freedom of Information Act، هذه الأيام وضمن دولة «اللاأسرار» وبعد الاستغلال السيئ المتكرر للمعلومات وتسريبها للخارج بقصد التكسب الشخصي أو السياسي لا لمحاربة الفساد أو الحفاظ على المصلحة العامة نرجو سن قانون مغلظ «معاكس» يعاقب بشدة من يسرب المعلومات بقصد الإضرار والإساءة للدولة وليؤجل ذلك المقترح الى أزمان عاقلة لاحقة.

احمد الصراف

الموروث الاجتماعي لأحمد النواف

الشيخ أحمد النواف، وكيل الداخلية المساعد للجنسية، شخصية محبوبة تسعى جاهدة لإحداث تغيير ايجابي في الداخلية، ومن منطلق حرصنا على المصلحة العامة وعلى حسن ادائه نكتب هذا المقال.
اظهرت بيانات الهجرة الاخيرة تزايد نسبة الوافدين، بحيث بلغت ثلثي عدد السكان! وقد حرك هذا الخبر الجهات المختصة ودفعها لدراسة اكثر من فكرة لمعالجة هذا الخلل، ومن ضمن ذلك تغيير مسمى الاقامة، وورد على لسان اللواء الشيخ احمد النواف ان هذا الخلل له آثار سلبية على الموروث الاجتماعي!
يتطلب الامر اولا تحديد من هو الوافد الذي يشكل وجوده بكثافة خطرا على التركيبة السكانية وعلى ‘الموروث الاجتماعي’، فالوافدون، بشكل عام، ليسوا متجانسين، وغالبية من ساهم وجودهم في احداث ذلك الخلل في التركيبة السكانية هم من العمالة الرثة، او البسيطة التعليم التي من الممكن بسهولة التخلص منها مرة والى الابد.
تكمن مشكلة التركيبة السكانية في امور ثلاثة مهمة، وعدة اخرى غير حيوية، اولا: استمرار نمو الدولة بشكل مطرد، ومتسارع في الفترة الاخيرة، وما يعنيه ذلك من تزايد الحاجة للايدي والعقول العاملة للقيام بالوظائف الجديدة التي تخلق كل يوم، وهذه ليست مشكلة بحد ذاتها، بل دليل عافية الاقتصاد.
ثانيا: عزوف المواطنين، عامة، عن العمل في الجاد والمتعب من الوظائف، وبالذات في شركات القطاع الخاص التي تعمل في الفترات المسائية، وتواضع مخرجات التعليم العام سنة بعد اخرى، وهذه يمكن التخطيط لها من الآن، وبالرغم من صعوبة الامر فإن الوقت ليس متأخرا جدا.
ثالثا: انغماس عدة اطراف ‘متنفذة وحكومية’ في المشاركة عمدا في عملية خلخلة التركيبة السكانية اما بالمتاجرة مباشرة ببيع الاقامات، حيث وصلت اسعار جنسيات محددة الى ثلاثة آلاف دينار، او تسهيل عملية البيع للبعض من المحسوبين على فئات ‘محددة’ من النواب.
وحسب بعض التقديرات، فإن هناك ما لا يقل عن 8% من الوافدين ممن لا عمل حقيقيا لهم، وهؤلاء يعتمدون في معيشتهم على الاستجداء او السرقة، كما ان هناك 5% من الوافدين العاملين في مهن وحرف لا حاجة لوجودها على الاطلاق، او ان من الممكن جدا التخلي عن 50% منها من دون تأثر اي طرف. ومعرفة هؤلاء ممكنة بعملية جرد بسيطة لرخص التجارة، والرخص التي تصدرها الجهات الاخرى، فكم ورشة تصليح سيارات ومركبات مثلا توجد في الكويت، اكثر من 1200 مقابل 380 في كل لبنان مثلا، اما محلات بيع ‘اكزوزات’ السيارات فحدث ولا حرج، ولو جردنا عدد العاملين في تربية ‘الجمال’ لوجدنا اننا ننافس استراليا في عدد العاملين في هذه ‘الصناعة’ المهمة.. وهكذا!
فيا سيدي، المشكلة معروفة والعلاج معروف، والامر لا يتطلب تغيير مسمى لكي ننجح في التخلص من ضغوط المنظمات الدولية والكونغرس علينا، بل يتطلب الامر تصديكم شخصيا للمشكلة لتكونوا اول فرد في الاسرة يضع اصبعه على الجرح، بحيث يؤلم الى درجة تدفع الحكومة دفعا لوضع خطة العلاج انقاذا ل ‘الموروث الاجتماعي’ الذي أبديت قلقك عليه!
إن الوضع خطير.. والوقت يمر بسرعة هائلة.
أحمد الصراف