سامي النصف

قراءة في التشكيلة الوزارية الجديدة

أعتقد أن خيار حسم الأمور وتشكيل الوزارة خير ألف مرة من اللجوء الى تأجيل دور الانعقاد، فالبلد لم يعد يحتمل مناهجية التأجيل المعتادة لحل المشاكل العالقة، والوضع الأمثل هو تطبيق مقولة «اعقلها وتوكل».

بعيدا عن التفاصيل التي أدت الى إقالة الوزير الفاضل د.عبدالله المعتوق وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ الكويت، الا ان الجانب الايجابي في الامر هو تفعيل «اداة الاقالة» على اي مسؤول لم يرق اداؤه لما هو مناط به من ثقة، فالإقالة الفورية لهم لا تتركهم يشوهون صورة الحكومة، وبالتالي النظام، بسبب فشل هؤلاء المسؤولين او تقاعسهم.

وقد قال الداهية الانجليزي درزائيلي «ان السياسي الجيد هو القصاب الجيد» وقال قبله داهية العرب معاوية «ان احب الناس لي من حبب الناس فيّ» ولا شك في ان نزاهة الوزراء والمسؤولين تحبب الناس فيهم وينقل الحب منهم الى من عيّنهم، وفسادهم أو كذبهم يثوّر الناس عليهم وينتقصهم بعيون العامة.

في فرنسا البعيدة يقوم وكيل وزارة الداخلية بعمل حملات مفاجئة على الوزارات والمؤسسات الحكومية مصطحبا معه فريقا من المحاسبين والمدققين وفي دبي القريبة يرسل الشيخ محمد بن راشد «الكشافين» لفحص أداء الوزارات والدوائر الحكومية ومسؤوليها فتتم المكافأة والبقاء، أو المحاسبة والاعفاء تبعا لما يتم ايراده في تلك التقارير.

ثبت قطعا ان هناك ضعفا شديدا في الأداء الحكومي الكويتي ونرجو ان تنتهج الدولة أسلوب الاستعانة بالمستشارين الأجانب الدائمين والمقيمين في الوزارات والمؤسسات المختلفة وان يُستمع الى ما يقولونه ويكتبونه فواضح اننا أمام قرارات مصيرية غير مسبوقة في تاريخ البلاد وعلينا التواضع والاعتراف بأننا لا نملك محليا الخبرة المناسبة للتعامل مع المشاريع الكبرى والتصرف الحكيم بعشرات المليارات من الدنانير.

هناك دائما فارق بين النظرية والتطبيق، من يقل ان على الحكومة ان تخلق لها أغلبية دائمة في البرلمان ينسى الكلفة الضخمة لمثل هذا الخيار من قفز على القوانين وتمشية المصالح مع احتمال الردة السريعة على الحكومة كما حصل مرارا وتكرارا في الماضي عند توقف عملية التنفيع التي هي الدواء الأكثر ضررا من المرض.

الحل الأمثل للتعامل الحكومي المستقبلي مع البرلمان هو ان تضرب الحكومة ومسؤولوها المثل والقدوة الحسنة في الشفافية والطهارة الذاتية وان تعتمد نهج التضامن الحقيقي بين الوزراء مع ضرورة شرح برامجها بشكل متواصل في وسائل الإعلام ومحاولة العمل الجاد لتغيير الثقافة السالبة المتوارثة التي ترى في كل مشروع سرقة وفي كل مسؤول تجاوزا، وعندها سيدعمها الشعب في دواوينه وسيضغط على ممثليه النواب لدعمها كذلك دون ضرر عليهم، فهذا هو الطريق السالك والوحيد لممارسة اللعبة السياسية بنجاح ضمن المعطيات الموجودة في البلد.

احمد الصراف

شجاعة عامل نظافة

أمرت النيابة (على ذمة ‘الراي’ 25/10)، باحتجاز ملازم اول في الداخلية لقيامة بضرب عامل على وجهه والتسبب في ادخاله المستشفى.
وقعت حادثة الضرب عندما توقفت سيارة نظافة في احد الشوارع لنقل اكياس القمامة. وجد الضابط نفسه محجوزا خلف سيارة الزبالة للحظات لعدم تمكنه من تجاوزها لضيق الشارع، فطلب من العامل تأجيل نقل اكياس القمامة وابعاد المركبة لكي يتمكن من المرور بسرعة، لكن العامل طلب منه التمهل لحين انهاء عمله، عندها ترجل ‘رجل الامن’ من سيارته وقام بضرب العامل بقوة كفا على وجهه! قام العامل، وهنا تكمن اهمية الحادثة، بتدوين رقم سيارة الضابط، وشعر بعدها بألم في اذنه، مما تطلب نقله للمستشفى لتلقي العلاج ومن ثم احيل إلى المخفر. لم تنته القصة هنا بالطمطمة على الموضوع، كما جرت في حالات كثيرة سابقة، بل قام المخفر مشكورا بتحويل الحادثة إلى نيابة العاصمة، والتي ايضا لم تتردد مشكورة ايضا وايضا، باستدعاء الضابط، وهو بملابسه العسكرية، للتحقيق معه. بعدها امر المستشار محمد الدعيج، مدير نيابة العاصمة، بحجزه تمهيدا لمواجهته مرة اخرى بعد استدعاء العامل، المجني عليه لسماع اقواله!
لا نريد هنا بطبيعة الحال التدخل في سير القضية، وهي بيد القضاء، فقد تكون التهمة ملفقة بكاملها، ولكن ما نود التنبيه عليه هو تشجيع الجميع، والمقيمين بالذات، والكويتيين من كفلاء وشركاء وارباب عمل اصحاب المهن البسيطة، على عدم التهاون في حوادث الاعتداء عليهم، ومن اي طرف او جهة كانت. فحقوق المقيم الانسانية جزء من حقوقنا جميعا وما يسيء لهم يسيء إلى سمعتنا ومشاعرنا فلا احد يسره مثلا، مشاهدة رجل امن، سواء بملابسه الرسمية او عاريا حتى، وهو يقوم بالاعتداء على شخص ضعيف الحال لا يستطيع الرد عليه خوفا من فقد عمله او جهلا بحقوقه كمقيم و… إنسان.
ان من الضروري على وزارة الداخلية، ونخص بالذكر ادارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي، القيام بتوعية جميع المقيمين بحقوقهم، وبأن عليهم ابلاغ السلطات عن وقوع او رؤية اي مخالفات كانت، سواء وقعت عليهم وممتلكاتهم او على الغير. فالتوعية بحقوق الغير جزء من عملية التوعية بحقوقنا جميعا.
كما على ‘جمعية حقوق الانسان’ بالذات، نشر خبر حادثة الاعتداء على هذا العامل والثناء على شجاعته ومبادرته ‘الرائعة’ التي تمثلت في عدم تردده في التقاط رقم السيارة والذهاب إلى المخفر لرفع قضية ضد ضابط شرطة، كما على الجمعية السعي لترجمة الخبر ونشره في الصحف المحلية الصادرة بالإنكليزية والاوردو لكي يعرف الجميع بالخبر، اما ‘جمعية مقومات حقوق الانسان’ فإننا ندعوها إلى عدم التدخل في الموضوع لكي لا تسيء إلى أبسط حقوق الانسان!
ملاحظة: لو كان الامر بيدي لانتظرت الانتهاء من الحكم في القضية والقيام بعد ذلك بنشرها على اوسع نطاق لكي يعرف الجميع حقوقهم، وتعرف القلة المتجبرة حدودها.
أحمد الصراف