سامي النصف

إسقاط مبدأ «كل مواطن وزير»

نلحظ في أميركا ذات الـ 300 مليون نسمة والعدد الأكبر في العالم من المؤهلين والمثقفين تكرار تعيين المسؤولين في الإدارتين الجمهورية والديموقراطية فجون يخرج من منصبه كمسؤول عن شؤون البيت الأبيض ليعود لاحقا كوزير للخارجية ويترك ذلك المنصب ليرجع وزيرا للدفاع …الخ.

عودة الأخ عبدالله الطويل للوزارة سنة حسنة وأمر يجب إعادة تكراره مع كثير من الوزراء السابقين حماية للمال العام من الهدر بعد أن أصبح بلدنا هو الأعلى عالميا بشريحة الوزراء السابقين حيث شهدنا وزراء لم يبقوا في مناصبهم إلا أياما أو أشهرا قليلة، وفي عدم إعادة توزيرهم كلفة معلوماتية ومادية ضخمة حيث سننتهي بتحول شعار «كل مواطن خفير» إلى «كل مواطن وزير».

ويمتاز مبدأ إعادة توزير الوزير السابق عن تعيين وزير جديد بأن الأول يقع واقفا ويبدأ راكضا كونه يملك المعرفة المسبقة بمداخل ومخارج العمل الوزاري وكيفية التعامل الأمثل مع رجال السلطتين الثانية والرابعة اضافة الى الوفر المالي بالطبع عبر تحديد عدد المستفيدين من الرواتب التقاعدية المجزية للوزراء السابقين ومعها فائدة خلق طبقة سياسية «محترفة» تمارس العمل السياسي بمهنية عالية وراقية نظرا لطول الممارسة.

أتابع كغيري الوضع السياسي ومنهاجية اللعبة الديموقراطية في الدول الأخرى وخاصة المتقدمة منها وأتابع بالمقابل الوضع في الكويت وقد قرأت وسمعت ردات الفعل السالبة تجاه التشكيل الحكومي الجديد من بعض النواب حتى قبل ان يبدأوا عملهم أي ان المحاسبة – كحال بعض الاستجوابات – تتم على «هوية» أفراد الحكومة لا على أدائهم، وأقول مخلصا انني لم أسمع أو أقرأ مثل ردود الأفعال تلك في جميع الديموقراطيات المتقدمة فلم ينسب لنائب أميركي أو انجليزي قط من الحزب المعارض اعتراضه على شخوص من تأتي بهم الادارة الحكومية كونه يطعن في مصداقية معارضته اللاحقة لأدائهم.

أحد الأسباب الهامة للنقد المسبق للحكومة حتى قبل ان تعمل، هو الموروثات السالبة المترسخة في أذهان النواب والناخبين منذ عقود من الزمن والتي ملخصها ان نقد الحكومة «يُكسّب» في الانتخابات كما ان وزراء الحكومة لا ينامون الليل تآمرا منهم على مكتسبات الشعب وان الحكومة لا تنفك عن المطالبة بالحل غير الدستوري …الخ، لذا سيبقى التأزم ما بقيت تلك الثقافة الخاطئة قائمة دون تفنيدها.

ومظلومة الحكومة مهما فعلت فقد تم لومها عندما ارتضت في السابق تصدي بعض وزرائها للاستجوابات المقدمة وقيل في حينها لماذا لم تحافظ على كرامتهم بإبعادهم عن المنصة وعن التجريح، ويتم لومها هذه الأيام لأنها ارتضت هذه المرة الحفاظ على كرامة الوزراء بإبعادهم عن منصة الاستجواب مستخدمة حقها السيادي بإبعاد أو تدوير من تراه من الوزراء أي انها منتقدة مهما عملت وفعلت بسبب الثقافة السياسية السائدة سالفة الذكر.

كتبت مع بداية تشكيل الوزارة الصيف الماضي، وفور طرح استجواب وزير الإعلام آنذاك، أنه ولأجل غير مسمى لا تهم حقيقة عدالة الاستجواب أو ما تتضمنه محاوره فكل استجواب يقدم سيعني سقوط الوزير المقدم ضده والذي سيجد صعوبة بالغة في الحصول على دعم 3 نواب يصطفون ويتكلمون معه ضد الاستجواب وقد يكون الحل «الوحيد» لتلك المعضلة الكبيرة هو التلويح باستخدام أداة الحل الدستوري تجاه أي «تعسف» باستخدام أداة الاستجواب ولا يصدق أحد في هذا السياق ان هناك نائبا واحدا يفضل الحل.

آخر محطة:
نرجو ان تسقط الحكومة بشكل عملي وملحوظ ما «يشاع» عنها من انها «لا تحاسب وزراءها ولا تدعمهم» وذلك عبر المحاسبة السريعة والإقالة والإعفاء من جانب والتضامن الحكومي الفاعل من جانب آخر.

احمد الصراف

إعادة التأهيل

قامت شركة غوغل Google العملاقة قبل فترة بشراء شركة يو تيوب You Tube مقابل 600 مليون دولار. تتميز يو تيوب، التي بدأت قبل سنوات قليلة جدا من لا شيء تقريبا، بفكرتها البسيطة والعبقرية والخلاقة في الوقت نفسه. يحتوي هذا الموقع على كم هائل لا يمكن تخيل مقداره من مليارات الأفلام الطويلة والقصيرة لأحداث حقيقية أو مقتطعة من أفلام سينمائية أو أفلام واقعية أو خطاب عاطفي أو سياسي أو ديني معين، أو من حادثة عائلية مضحكة أو مبكية أو مسلسل تلفزيوني، أو مقابلة مصورة، وبأي لغة كانت، وتجعل كل ذلك في متناول مئات ملايين المشاهدين من متصفحي الإنترنت، فما عليك سوى البحث في ‘غوغل’ مثلا وكتابة اسم أي شخصية كانت لتظهر لك أفلام ومستندات ووثائق مصورة عن آخر أنشطته الشخصية وغيرها، وهذا يشملني شخصيا بالرغم من قلة أنشطتي، ولك أن تتصور ما يحتويه اليو تيوب عن الرئيس بوش مثلا. والمصدر الأساسي لأفلام ووثائق اليو تيوب هو متصفح الإنترنت، والذي قد يكون أي شخص.
دار جدل طويل قبل فترة قصيرة، ولا يزال محتدما، حول طبيعة ونوعية ما يبث من أفلام من خلال هذه الوسيلة المرعبة في قوتها وانتشارها، والتي يمكن لأي جهة استغلالها في الخير أو الشرير من الأمور.
وقد قامت جهة ما (!!) بانتقاء مجموعة محددة من التسجيلات المسيئة للعرب والمسلمين بالذات، والتي دأبت القنوات الفضائية الدينية ببثها على مدار الساعة، قامت بتجميعها ومن ثم ترجمتها وبثها على ‘اليو تيوب’ ليطلع مئات ملايين المشتركين في الإنترنت على ‘خمالنا وخمامنا’، سواء على شكل لقاءات أو أحاديث أو مناقشات تلفزيونية حامية أو باردة.
ومن الأفلام ‘الفضائحية’ التي انتشرت بشكل واسع وكان لها صدى سيئ جدا ما تم نقله من قناة ‘اقرأ’ عن محادثة تجري بين مذيعة محجبة وطفلة محجبة أيضا لا تتجاوز الرابعة من العمر، والتي سبق أن كتبنا عنها، تتعلق بما حفظته الطفلة من نصوص دينية وخاصة تلك التي تتعلق بكراهيتها للغير..!
كما انتشر على اليو تيوب فيلم قصير آخر منقول عن واحدة من قنوات الصحوة الدينية التي تخصصت في بث التفرقة والتخلف بيننا والترويج في الوقت نفسه لبغض الآخرين وكرههم لنا. ويتعلق الفيلم بحديث متلفز للسيد محمد المناجد ذكر فيه بالنص أن على الزوجة في الإسلام أن تلبي رغبة زوجها في الفراش ولو كانت على ‘التنور’. وإن أبت لأي سبب بات الزوج غضبان عليها ولعنتها الملائكة حتى تصبح. فحاجة الرجل للجنس معروفة. فقد يأتي من خارج البيت وأن تكون نفسه قد تعلقت بشيء أو رأى شيئا ويعلم الله هذه الحاجة وبالتالي ‘أمرت’ الزوجة بالاستجابة لزوجها ولو كانت على التنور. المرأة في الغرب، والحديث لا يزال للسيد المناجد وبث مترجما لشتى أنحاء العالم، ليست مجبرة للاستجابة لزوجها بل عندهم قضية اغتصاب الزوج لزوجته إذا أتاها رغما عنها. هناك يجب أن تكون الزوجة مستعدة لممارسة الجنس وراضية بذلك. والغرب منقسم في قضية النساء، فبعضهم أعطى الزوج ما يريد ولكن أكثرهم لا يعطونه هذا، وعندهم لا تسلم المرأة نفسها لزوجها متى ما أراد!!
الأمثلة على مثل هذه المواقف كثيرة، وأغلبها يدعو للرثاء، والخجل حقا.
وما لا يعلمه الكثيرون أن غالبية هذه المحطات المسيئة لنا يتم تمويلها من واقع تبرعاتنا المالية الجارية والمتقطعة لمعظم جمعياتنا الخيرية!!.
إن طريقة التفكير العربية المسلمة بحاجة ماسة لإعادة التأهيل، والإنترنت هي الأداة الوحيدة المتوافرة حاليا لإعادة التأهيل بعد أن تخلفت مناهج جميع مدارسنا بطريقة لا عودة فيها!
أحمد الصراف