سامي النصف

رجال الزمن الجميل

الملك فاروق، لم يكن ملاكا كما يظهره المسلسل ولا شيطانا كما اظهرته الثورة، عيوبه كثيرة ومحاسنه اكثر ومن أهم عيوبه تدخله الشديد في تشكيل وزارات الاحزاب حتى انتهى بخسارة تأييدها جميعا خاصة بعد بيان اكتوبر 51 الذي سحب منه تأييد السعديين والأحرار الدستوريين، يذكر قبطان «المحروسة» الكابتن جلال علوبة ان الملك اصطحب معه شنطة ملابس واحدة اما مقولة اصطحاب 217 شنطة مليئة بالمجوهرات والتحف فهي اشاعة اختلقها الضباط الاحرار لتبرير سرقتهم للقصور الملكية وتركها على البلاطة.

احمد حسنين باشا، خريج اكسفورد بتفوق وبطل سلاح الشيش فيها، وسيم وراقص وابن شيخ ازهري وقائد طائرة اشترى وحطم 3 منها في رحلاته فوق اوروبا وجبال الالب، مكتشف ورحالة من الطراز الأول وحائز لكثير من جوائز الاكتشاف، كان فقيرا وكريما وعفيفا رغم عمله في القصر وقد ارتبط بزواج عرفي مع الملكة نازلي حتى لا تزوغ عينها خارج القصر ورفض تنازلها له عن 500 فدان رغم حاجته، اراد الامير محمد علي قبل زواجه منها ان يفضحه معها كي يهز العرش ويستولي عليه فدخل عليهما فجأة مع خدمه في جناحها فوجده يحفظها القرآن، توفي في حادث سيارة غامض عام 46 عندما اصطدم لوري انجليزي به.

مصطفى النحاس، تخرج من الحقوق عام 1900 وكان الأول على دفعته، تزوج القضية الوطنية وبقي عازبا حتى بلغ 58 عاما ثم تزوج زينب الوكيل ذات العشرين عاما، لم تجد حكومة الانقلاب عليه شيئا لذا لم تقدمه لمحكمة الغدر عام 53 مع بقية زعماء الاحزاب، بقي مقيما في مصر ومعدما حتى كتبت زوجته زينب الوكيل للرئيس عبدالناصر لتخصيص راتب من ورثها المصادر لضمان علاج زوجها، توفي عام 65 وخرجت مئات الألوف لتشييعه مما جعل ناصر يعتقل جميع الوفديين الذين حضروا جنازته لمدة عامين بتهمة «حضور جنازة».

مكرم عبيد، المحامي المفوه سبب خلافه مع صديق عمره النحاس انه حال خروجهما من الحكم يذهب هو لمكتبه للمحاماة حيث الدخل الوفير بينما يبقى النحاس على دخله القليل من بعض اطيانه، لذا حاولت زينب الوكيل ان تضمن مستقبلها عبر الحصول على اذونات استيراد لاخيها وشريكها من وزارة التموين التي يرأسها مكرم عبيد فلما رفض بدأ الخلاف، ابان حكم اسماعيل صدقي الرهيب وقف يدافع عن النحاس في قضية رأي عام نقلتها الصحافة ووسائل الاعلام ومما قاله: انكم ايها القضاة تكذبونني عندما أصدق وتصدقونني عندما أكذب لذا اصرخ بملء صوتي يعيش كذبي ويسقط «صدقي» فضجت القاعة من الضحك.

اسماعيل صدقي باشا، اعظم ساسة مصر قاطبة، لديه افكار في ديموقراطية العالم الثالث تصلح لكل مكان وزمان، حيث كان يرى ان الفارق بين شعوبنا والشعوب الغربية التي نضجت فاستحقت الديموقراطية الكاملة كالفارق بين الطفل الصغير الذي يضره ان تسلمه بندقية بيده قد يسيء استخدامها، والرجل العاقل الكبير كان عفيفا شديد الذكاء متمكنا من اللغات وكان يرى الا ديموقراطية في مصر بوجود سعد زغلول الذي يأمر فيطاع وليس هذا من الديموقراطية في شيء حسب رأيه مستشهدا بتنافس زغلول مع عدلي يكن باشا فلما اتت الانتخابات انزل سعد زغلول طباخه الخاص فنجح الطباخ وسقط يكن وهو أمر كرره فيما بعد سعد مع اسماعيل صدقي حيث انزل امامه محاميا مغمورا اسمه نجيب الغرابلي فنجح نجيب وسقط اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء.

آخر محطة:
تنشر جريدة الـ «هيرالدتريبيون» زاوية اسمها «منذ 50 عاما» وقد اتى ضمن عدد الخميس الفائت للجريدة انه في 3/10/57 انفجرت طائرة لبنانية بعد اقلاعها من بيروت وسقطت في البحر وكان من ضحاياها رجل كويتي ومعه 15 صندوق ذهب لحكومة الكويت!، على الشباب الكويتي ان يقضي اجازة العيد القادمة في بيروت مع عدة الغطس بحثا عن ثرواتنا الضائعة، وهل هناك من لديه معلومات عن ذلك الضحية؟ وماذا حدث لتلك الصناديق؟