الوصفة سهلة و«هايلة»، كما غنى سيد مكاوي.. اذهب إلى أحد السجون، واتجه مباشرة إلى عنبر القتلة، واختر واحداً من أعتى القتلة والسفاحين، واحرص على ألا يقع اختيارك على أحد المدانين بالقتل الخطأ، ركز على القتلة المدانين بالسطو المسلح، كي تحصل على «لص قاتل» في اختيار واحد.
ومنه، أي من هذا العنبر، اتجه إلى عنبر المدمنين، واختر منه ثلاثة مدانين بالتعاطي والتجارة، من النوع المستعد لبيع كليتيه مقابل جرعة مخدرات.. بعدها اتجه إلى عنبر الشاذين جنسياً، واختر منه ثلاثة أو أربعة، أو ما تيسر لك.. ومنه إلى عنبر لصوص المنازل، خبراء التسلق على المواسير، خذ منه «خمطة».. ومنه إلى عنبر النصب والاحتيال، وهذا يكفيك منه واحد أو اثنان على الأكثر.
الأهم، ألا تنسى في مهمة البحث العظيمة هذه، اختيار مجموعة كبيرة من «صبيان المساجين»، أي الذين يخدمون عتاة المجرمين، ويتشرفون بتنظيف ملابس ساداتهم، وترتيب فرشهم، وتنظيف حماماتهم، أجل الله القارئ.
اجمع هؤلاء كلهم، والتقط لهم صورة جماعية، ومبروك حصلت على «حكومة عربية» متكاملة الأركان.
القاتل بالسطو المسلح هو «الزعيم المبجل»، وتجار المخدرات هم المسؤولون عن الاقتصاد؛ المال والأعمال، ولصوص المواسير هم المسؤولون عن الأمن الداخلي والخارجي، والشواذ هم المسؤولون عن الإعلام والتربية والتعليم، والمدانون بالنصب والاحتيال هم المسؤولون عن العدل والقانون، و«صبيان المساجين» هم المسؤولون عن الإفتاء وتكفير كل من يعارض سماحتهم، أو سفاحتهم. ويمكن أن تعيّن بعضهم أعضاءً في البرلمان، والبقية منهم، أي من الصبيان، يمكن أن تنثرهم على مؤسسات المجتمع المدني والنقابات، كي يكتمل شكل الدولة.
من يحتج على نهجك لاشك خائن، ومن يغضب من حال البلد لاشك مدفوع من الصهاينة والموساد وأم عطية البياعة لخلخلة الأمن، ومن يضحك قهراً لا شك يسعى إلى تقليل «هيبة» الدولة العظيمة، ومن يصمت بالتأكيد خلية نائمة.. الكل يجب أن يرقص على أنغامك، ويغني على موالك.
واحرص، يا رعاك الله، على نسخ بيانات من سبقك من العربان عن القضية الفلسطينية، وكم بيان عن تطبيق القانون، وانسخ كم مقولة تاريخية لتستخدمها في خطاباتك، وينظمها شعراء البلاط في قصائدهم التي تبجلك وتفخمك.
وإذا سئلت: لماذا تخلفت دولتك فخامة الزعيم، حتى شعرت الكلاب الضالة بالقرف من مبانيها وشوارعها وقمامتها المكدسة في الشوارع؟ فقل: لأنني لا أهتم ببناء الحجر بل ببناء البشر (هذه الجملة ستتصدر مانشيتات الصحف غداً، إلى جانب صورة الزعيم وهو يمسح على رأس طفل يبكي).. طيب لماذا ارتفعت نسبة الفساد والسرقات في عهد فخامتكم؟ لن تجد دولة تخلو من الفساد، فهذا جزء من نواميس الطبيعة (يحق لك سرقة هذه الجملة من مشايخ البلاط).. ولماذا لا يطبق القانون على عتاة اللصوص، في حين يتم تطبيقه بتعسف على الصغار والبسطاء؟ مسطرة القانون عندنا مستقيمة، وما يقال يراد منه تشويه صورة البلد وزعزعة نظامه، وكلنا نعرف أن من يردده مجموعة من تجار الدين السياسي والشيوعيون وكلاب الصهاينة للسيطرة على «دولة المواسير الأبية».
إذا انتهيت من تأمين دولة المواسير من الداخل، فالتفت إلى الدول العربية الأخرى، التي يفكر شعبها بالحرية والديمقراطية، وابذل ما في وسعك.. رعاك الله وحمى مواسيرك.