نضحك على أنفسنا عندما نطالب بأن يكون هناك اتحاد خليجي، وضرورة وجود اتفاقية أمنية تربط بين دوله، فهذا وهم! فالاتحاد لا يبدأ من أعلى بقدر ما يبدأ من القاعدة، وتجارب العالم اجمع، وعلى رأسها تجربة الاتحاد الأوروبي، تقول ان من المهم أولا السير في توحيد الأنظمة المالية والقوانين الإدارية والتنسيق القضائي والإعلامي، وغيرها الكثير، قبل الإقدام على أي خطوات سياسية او امنية تمس دساتير الدول الأعضاء، هذا غير ضرورة استفتاء مواطني المجلس في موضوع الوحدة، أو اي إجرء خطير. فالتباين الشديد الحالي بين الأنظمة الخليجية لا يثير الضحك فقط، بل الغثيان، فليس هناك مسيرة سياسية زاد عمرها على الثلاثين عاما، بمثل هذه النتائج المتواضعة. ومن أكثر التباينات حدة بين دول المجلس ما تعلق بسياساتها الخارجية، التي أثرت على مواقف الدول الكبرى منها. فالإماراتي مثلا معفى من شرط الحصول على فيزا «الشينغن» والفيزا البريطانية، كما أعتقد. ولكن الكويتي مطالب بأن «يتبهدل»، في حال رغب في دخول دول الاتحاد الأوروبي، أو بريطانيا وقبرص وسويسرا وغيرها. وبالرغم مما يعتقده البعض بأن المسألة تتعلق بإجراءات بسيطة، فإن الحقيقة أكثر تعقيدا، فرفض استثناء الكويتي من فيزا الشينغن يعني فشلا حكوميا، واننا لا نستحقها، كمواطنين، ودليل على عجزنا المستمر في تلبية طلبات الاتحاد في ما يتعلق بالعلاقة بالمنظمات الإرهابية ومراقبة أموال الجمعيات الدينية، وأذرعها «الخيرية»، وعدم قدرتنا على مراقبة انتقال الأموال، وعجزنا عن منع، أو حتى تجريم مواطنينا من التورط في حروب المنطقة الأهلية الطائفية، ومنهم شخصيات سياسية معروفة، سواء بالقتال أو بتمويل تلك الحروب، كما في سوريا، أو منعهم من الوقوف، بالسلاح والمال، إلى جانب طرف ضد آخر. كما فشلت حكوماتنا في الانسجام مع الحد الأدنى من مطالبات الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة بالذات، وبما يتعلق بأحكام الإعدام. والفشل عاما بعد آخر في وضع حل فعال لمشكلة عشرات آلاف البدون، الذين يفتقدون حقوقا كثيرة، والذين يمثلون قنبلة قابلة للانفجار في اي لحظة.
نتمنى للعميدين مازن الجراح وطلال معرفي التوفيق في مهمتهما، بالتعاون مع الخارجية، وإقناع الاتحاد الأوروبي بمساواتنا بالإماراتيين، وإلغاء الشينغن عنا. ونتمنى أيضا أن يكون هناك نائب شجاع يوجه للحكومة سؤالا عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء موقف الاتحاد الأوروبي منا، والعمل على إزالتها! ولكن هل يوجد في مجلسنا نائب شجاع، ربما؟
• ملاحظة: نشكر وطنية ووعي أهالي الروضة اللذين أديا إلى تخليص منطقتهم من سيطرة حزب الاخوان، ونتمنى ان تستمر مسيرة بقية الجمعيات على النهج نفسه، وأول الغيث قطرة غالية.
أحمد الصراف