انهيار اسعار النفط المتواصل وتأثيراته الكارثية على الميزانية العامة، وبالتالي تهديده لرزق مواطني اليوم وحياة ومعاش الاجيال القادمة، لم يثر كثيرا على ما يبدو لا الحكومة ولا مجلس الامة. تأثيره على البورصة وعلى حملة الاسهم هو ما حرك البعض وما ايقظ النيام وما حض «دعاة الوطنية» وحماة المصلحة العامة للتراكض والتداعي لموجهة الامر!
انه لامر يحز في النفس ان تذهب التحذيرات والوصايا الخاصة بحفظ معاش المواطنين ومستقبل ابنائهم ادراج الرياح. بينما يؤدي انهيار اسعار الاسهم في البورصة الى حفز الهمم واستثارة غرائز الدفاع عند كل من صم اذنه وقلبه وعقله عن الاخطار التي كانت ولا تزال تتربص بمستهلكي دخل النفط والمتغذين على الانفاق الريعي.
اليوم فقط.. بعد تعرض اسعار الاسهم للخطر.. اليوم فقط يتنادى المتنادون ويتحمس ما يسمى بأهل الحل والربط لمواجهة انهيار اسعار النفط ولاتخاذ ما يلزم لانقاذ اسهمهم!
لا ايها السادة.. اسهمكم ليست اغلى من حياة المواطنين. وشركاتكم غير المنتجة ليست بافضل منا ولا اعز من فلذات اكبادنا. لتذهبوا انتم اولا الى الجحيم.. ولتلحق بكم اسهمكم وشركاتكم الوهمية. فلسنا معنيين بكم كـ«مستثمرين»، فانتم اصلا لا تستحقون هذه التسمية. ولسنا معنيين بكم كمنتجين فانتم مضاربون ومقامرون، ولسنا معنيين بكم كمنتجين وبناة وحماة للحياة في هذا المجتمع، فانتم مثلنا ومثل البقية طفيليات الكويت تتغذى على الانفاق الريعي.
ان كنا نتسامح في السابق في فسفسة الدخل الوطني على الاسهم الورقية، خدمة للمضاربين والمقامرين بحجة او تحت تأثير ان الخير «وايد». فاننا اليوم بحاجة الى ان نتوقف، وان نفكر مليون مرة قبل انفاق فلس واحد في هذا الاتجاه. فالفلس عزيز اليوم، وحياة المواطنين اغلى من الاسهم. واستقرار الاجيال القادمة اولى من وضع الشركات وحال الاسواق.
ان المطلوب اليوم اكثر من اي وقت مضى، وقف الهدر والحفاظ على مصادر الدخل. المطلوب العناية بمعاش المواطنين وحفظ مدخرات وحقوق الاجيال القادمة.. ولا شك ان ايا من هذا لن يتحقق من خلال دعم او ضخ دمائنا في الشرايين الميتة.