قبل مدة طالب بعض مغردي ومؤيدي الحكومة بمعاقبة السيدة سارة ادريس، وفصلها من عملها، باعتبارها متهمة بمعاداة الحكومة والعمل مع المعارضة. واليوم يستنكر بعض المغردين، ومعهم نواب في مجلس الامة، خبر تعيين النائبة السابقة اسيل العوضي ملحقا ثقافيا. الاعتراض هنا من كل صوب. المعارضون للحكومة يعتبرون الامر مكافأة ليست في محلها، والمؤيدون للحكومة يرون فيه تساهلا وتسامحا من الحكومة مع من يعارضها ويتمسك بآرائه الخاصة!
السيدة اسيل العوضي كانت نائبة في مجلس الامة. وهي تحمل شهادة الدكتوراه مع خبرة سنوات في التدريس، فكيف يكون تعيينها ملحقا ثقافيا مكافأة او خروجا عن المألوف؟! في نظري، مع انني لا اعرف السيدة العوضي الا كشخصية عامة، فانها تشرف مثل هذا المنصب ولا يشرفها، او بالاميركي هي «اوفر كولفايد». فكيف يرى البعض في تعيينها منحة او مكافأة؟!
في المقابل، انبرى بعض مؤيدي الحكومة للاعتراض بقوة على خبر التعيين، على اساس ان الحكومة من المفروض الا تتساهل مع من يعارضها او يشق عصا الطاعة عما هو مألوف. بعض هؤلاء نواب في مجلس الامة مع الاسف. وهم بدلا من العمل على كفالة حرية الرأي والمعتقد، وتشجيع الفردية والاستقلال عن السلطة، يسعون الى تقييد حرية المواطن والتضييق عليه وفرض الرأي «السلطوي»، او بالاحرى الخضوع لأولي الامر عليه.
الحكومة اصلا لا تملك مؤسسات الدولة. وبالتالي ليس من حقها التصرف بمناصب ووظائف هذه المؤسسات. لكن طبعا التخلف السياسي والاداري، وقبل كل هذا الديموقراطي لدى بعضنا، يرى في مؤسسات الدولة ملكا لـ«السلطة» او الحكومة، تكافئ من خلالها الاعوان، تماما مثلما تستخدمها لمعاقبة المعارضين وكل من يشق عصا الطاعة عن السلطة.
من المتفهم، مع انه غير مقبول، ان ينبري بعض المتحمسين للحكومة ليتصدى لخبر او اشاعة التعيين ويحرض على وقفها. نتفهم هذا، ومن الممكن التعايش معه، لكن ان يقود الحرب هنا بعض اعضاء مجلس الامة، ممن أوكلنا لهم حماية الحقوق الشخصية للمواطنين وتحقيق العدالة والمساواة بينهم، فانه امر لا يمكن قبوله او حتى السكوت عنه.
ان المواطن حر في رأيه، وحر في موالاته او معارضته. ومَن في السلطة او الحكومة اليوم قد لا يكون فيها غدا. فالديموقراطية تداول للسلطة وايمان بالتعددية. لهذا من حق اي مواطن ان يكون معارضا او مؤيدا من دون ان يخسر او يكسب بسبب رأيه وانتمائه.