اللغة العربية.. دافع ويستميت في الدفاع عنها المتدينون، ومن يسعون الى حفظ وتحفيظ القرآن، كتاب المسلمين. لهذا حرص اللغويون المتدينون على ضرورة الحفاظ على اللغة العربية من دون تطوير او تغيير. لان اي تغيير فيها يجعل لغة القرآن غريبة وصعبة الفهم على من طور – او حسب فهم المحافظين على اللغة العربية – «حرف» في لغته العربية.
اللغة العربية لم تحظ فقط بدعم وحماية المتدينين المسلمين. بل هي وفي ذروة التحدي في نهايات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حظيت بدعم استثنائي من «القوميين» العرب الذين كانوا مهيمنين على الثقافة وعلى الساحة السياسية ايضا في تلك الاوقات. الى درجة ان من اتفق على اعلانه ابا للقومية العربية، السيد ساطع الحصري، اعتبر اللغة العربية الشرط الاساسي والوحيد لتحديد العربي والعروبة. في مواجهة التحدي الغربي، او كما يحلو لمتخلفي العرب وصفه، «الغزو» الثقافي الغربي، في مواجهة ذلك بالغ القوميون العرب في الدفاع عن اللغة العربية وفي الاصرار على الاحتفاظ بها نقية وبعيدة عن اي تطوير او تحديث.
لكن بالرغم من كل هذا العناد، فان اللغة تبقى كائنا حيا. يتعرض للنمو والتمدد، تماما مثلما يتعرض للتقلص والانكماش. لهذا فان اللغة العربية تبقى صعبة الكتابة واكثر صعوبة في النطق. ومن يشكك في هذا عليه ان يصغي جيدا لخطاب اي رئيس دولة عربية او احد مسؤوليها – بمن فيهم وزراء التربية والتعليم – سيجده مملوءا بالاخطاء النحوية والصرفية منها بالذات، بحيث انه يفقد تأثيره وفي احيان كثيرة معانيه.
هذه الايام يحتفل المغردون في تويتر باليوم العالمي للغة العربية. لكن الواقع ان «تويتر» كان وسيكون الهادم الفعال والاساسي لقواعد اللغة العربية. وذلك لسبب بسيط وهو انعدام الرقابة النحوية والاملائية فيه.
المتعصبون للغة العربية من قوميين ومتدينين، حرصوا على زرع «مصححي» اللغة العربية في كل مكان. فلا يطبع كتاب ولا تصدر نشرة او حتى بيان من دون ان يمر على المصحح الرقيب. فانت تجد هذا المصحح او في الواقع المصححين في كل جريدة وحتى مطبعة.
الان «تويتر» بلا رقابة ولا تصحيح او تعديل. وفيه يكتب او يغرد الكل بحرية وبلا رقابة «نحوية او املائية» بالطبع. بعض مغردي تويتر اساتذة. او كلهم دكاترة. والاخطاء اللغوية عند هؤلاء اكثر من ان تعد او تحصى. لكنهم يبقون مثالا يحتذى ونموذجا يجب ان يتبع، لهذا فان المحتفلين باليوم العالمي للغة العربية من مغردي تويتر سيكونون الاداة الفعالة في تخريبها وتجريدها من الحصانة القومية والدينية التي توافرت لها في السابق.. وان غدا لناظره قريب.