الاجتماع التاريخي القادم وغير المسبوق لقادة دول مجلس التعاون مع الرئيس الأميركي باراك أوباما قد يكون الاجتماع الأخطر في تاريخ العرب، فواضح أنه يأتي بعد أن قررت الأمة العربية بعد قرن من التخذيل الذي بدأ عام 1916، أخذ قرارها بيدها عبر تحالفها وشنّها لعمليات عاصفة الحزم لإطفاء حريق اليمن الذي كان مرشحا للانتشار في دول أخرى، وكانت عملية الاطفاء تلك مؤهلة لإعادة استخدامها لإطفاء الحرائق الأخرى وعلى رأسها الحريق الليبي لولا المحاربة «غير المعلنة» لها من أطراف كان موقفها المعلن يفترض أن تكون أول داعميها.
***
ولا تخفى حقيقة أن قادة مجلس التعاون يمثلون الأمة العربية جمعاء في حديثهم مع القيادة الأميركية التي تمثل بالمقابل الغرب والمجتمع الدولي، ولا أفضل من المصارحة الشديدة في ذلك اللقاء الذي لن يتكرر، فللقادة الخليجيين ان يسألوا بصراحة تامة عن الموقف الحقيقي – لا المعلن – للغرب والمجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة ومبعوثيها تجاه الحرائق والاضطراب والفوضى التي تشهدها بعض دول المنطقة، فإن كان إطفاؤها هو الهدف، فلماذا لم يدعم – بدلا من أن يخذل – مشروع عاصفة الحزم، وكيف يمكن تبرير التناقضات الصارخة في دعم العمليات الجوية الغربية شمال العراق الهادفة إلى تعزيز شرعية الدولة وتخذيل العمليات الجوية العربية جنوب اليمن الهادفة كذلك إلى تعزيز شرعية الدولة؟! وكيف يمكن لوم العمليات الجوية العربية بحجة انها لم تحقق الهدف (خلال أسابيع قليلة) وتحرر صنعاء وترجع الشرعية لها، ولا يلام الجهد الغربي (بعد ما يقارب من عام) الذي لم يحرر الموصل ولم يرجع السلطة الشرعية لها؟!
***
ويجب أن تمتد المصارحة والتساؤلات المحقة عن الاجندات الحقيقية «واللاعبين واللعبة» فيما يجري في دول المنطقة كالحال في سورية والعراق وليبيا واليمن (وجميعها ذاهبة للتقسيم) وأسباب بقاء النيران مشتعلة في الصومال لمدة 3 عقود والتي باتت أقرب للمثال الذي يمكن أن تؤول إليه أحوال دول الحرائق العربية الى حروب أهلية لا نهاية لها، ما دامت دولة بحجم الولايات المتحدة ومصادرها المعلوماتية الضخمة لا تعرف مصادر الاموال والأسلحة والمعدات والمركبات التي تتوافر للميليشيات الخارجة عن شرعية الدولة والتي لا يعرف عنها أنها تصنع السلاح والذخائر ومركبات الدفع الرباعي …. الخ، كما يجب أن يصر القادة على دعم الخيار النووي الخليجي والعربي للاستخدام السلمي بقصد توفير النفط والغاز عند توليد الكهرباء والماء، ويأتي الدخول متأخرا حوالي نصف قرن عن موعده، ولنا أن نتصور كم احتياطيات النفط والغاز الناضب الذي كان بالإمكان توفيره لاستخدام العالم بدلا من حرقه طوال تلك المدة، وكما يقول المثل الأميركي الشهير أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا!
***
آخر محطة: ويجب ألا يخلو الاجتماع كعادة اللقاءات الاميركية من الأقوال الطريفة والاستشهاد بالتاريخ كالتذكير بما قاله نائب نيويورك الديموقراطي الشهير باتريك مونيهان من أن تكون عدوا للولايات المتحدة قضية «غير مريحة» اما أن تكون صديقا لها فقضية «شديدة الخطورة» لسرعة تغيير تحالفاتها وسرعة تخليها عن أصدقائها.. واسألوا الشهبانو فرح ديبا التي تعمل من مكتبها المتواضع في نيويورك عن دمعة ملك الملوك والشاهنشاه الأخير محمد رضا بهلوي قبل مغادرته إيران.. وأسبابها!