ضبط وإحضار سيد وليد سيد طبطبائي، بعد أقل من 24 ساعة من تغريدته عن تدخل إيران في اختيار ولي العهد، أمر مثير للاستغراب! قد نختلف مع السيد في اختيار كلماته، أو في صياغة تغريداته أحياناً، أو في سوء التعبير عمّا يختلج في نفسه، ولكن أيضاً يحق لنا أن نستغرب من سرعة ضبطه وإحضاره من قبل أجهزة المباحث، وكان يكفيهم – كما عودونا – أن يتصلوا به هاتفياً ليطلبوا منه الحضور. أما الحرص على القبض عليه في يوم الجمعة لاستمرار احتجازه حتى الأحد، وكأنه ربما «ترضية» لأحد، فهذا قد يفسر على أن وراء الأكمة ما وراءها!
هل إيران خط أحمر؟!
سؤال تم طرحه في ندوة «نهج»، وهو سؤال مشروع، لأن المراقب لا يحتاج إلى كثير جهد ليدرك أن الشقيقتين السعودية وقطر تتعرضان يومياً من قبل أقلام ربما مدعومة من إيران إلى أكثر مما قاله السيد وليد سيد طبطبائي، من دون أن نشاهد هذا التحرك السريع من الأجهزة الأمنية ضد هذه الأقلام! وإن حصل تحرك، فبعد أن تنحرج السلطة من الاستنكار الذي يثيره الآخرون في الساحة الإعلامية.
أنا أتفهم حرص الحكومة على تهدئة العلاقة مع إيران الجارة المفروضة علينا من جهات عدة، شئنا أم أبينا، وأتفهم إدراكنا لقدرة إيران على زعزعة الأوضاع الأمنية في الداخل الكويتي، ولا أظن أننا ككويتيين نرغب في علاقة متوترة مع إيران، ولكن أيضاً لا بد من التعامل معها وفقاً للاتفاقيات الدولية واحترام مواثيقها.
كم كنت أتمنى لو أن إيران اليوم تلعب دوراً في دعم المشروع الإسلامي العالمي، وأن تكون حجر زاوية في دعم التضامن الإسلامي بدلاً من أن تكون الهاجس الأمني الأول لدول الخليج، بل أحياناً بعلاقات متوترة مع أكبر الدول الإسلامية!
لقد تبنت إيران – منذ نشأتها الحديثة – مبدأ تصدير الثورة، مما أوجد لها أعداء في كل مكان، وتبنت إيران أحياناً أنظمة دكتاتورية كرهتها شعوبها، ودافعت عن هذه الأنظمة بكل ما لديها من إمكانات، ولو على حساب أمن هذه الشعوب المنكوبة واستقرارها! كما قد تكون دعمت أنظمة طائفية على حساب طوائف أخرى! كل هذه السياسات الخرقاء جعلت إيران مكروهة عربياً وإسلامياً، وأحياناً عالمياً.
إن المتتبع لإيران وسياستها يشاهد ما آلت إليه الأمور داخل إيران، فالانهيار الاقتصادي على وشك الحدوث، والاستياء الشعبي داخلياً وصل إلى حافة الانفجار، والفقر والبطالة عنوانا الحالة المجتمعية، والفساد والرشوة أصبحا من مظاهر العمل اليومي.. كل ذلك بسبب انشغال إيران بالشأن الخارجي على حساب الشأن الداخلي ورفاهية شعوبها! خذ مثلاً ما نشرته القبس بالأمس على صفحتها الأولى «ناشد الأسد إيران مده بالمال والسلاح والمرتزقة (!!) بهدف دعم صموده، وطلب أربعة مليارات دولار دعماً عاجلاً»! إذن، تبدو إيران مالاً وسلاحاً ومرتزقة!
إن السياسة التي تمارسها إيران ضد جيرانها دليل على الروح المسيطرة على فكر معظم الساسة الإيرانيين. لذلك، لم نستغرب تورط إيران في اليمن والعراق وسوريا، كما لم نستغرب من تهديدها لاحتلال الأردن!كما تردد اعلامياً بل وصل الأمر إلى تلقيح المواد الغذائية بالسموم وتصديرها لنا كما أعلنت جمارك الكويت بالأمس!
نحترم إيران، ولكن يجب أن تحترم وجودنا وجيرتنا وعاداتنا وديننا. لا نتمنى أن نعيش معها بعدائية ممقوتة، ولكن يجب أن تتوقف عن استفزازنا بين الحين والآخر. اليوم إيران أضعف ما يكون بسبب تورطها في أكثر من مكان، وها هو نظام بشار يتهاوى، وها هو العراق أصبح جحيماً لمن يعيش فيه، وانظر إلى اليمن كيف تمزّق ودخل أتون الحرب الأهلية، ثم تأتي أجهزة الأمن لتفزع لإيران ضد أحد أبنائها البررة!