الحياة دائماً لها وجهان.. أحدهما المشرق الذي تهفو قلوبنا اليه على الدوام.. وعلينا ان نشيد به، والجانب المظلم التعس الذي يحتاج منا ان نسلط الضوء عليه كي ننيره ونضيئه.. وما بين هذا وذاك علينا ان نجد مكمن الضياء.. ومرافئ الحقيقة حتى ندفع بها أملاً في اصلاح ما يمكن اصلاحه!!
ومن بين المحطات المشرقة هذه الجائزة.. فقد لبيت دعوة كريمة تلقيتها من السيدة الفاضلة الشيخة عايدة سالم العلي، رئيس مجلس أمناء جائزة سمو الشيخ سالم العلي للمعلوماتية، بمناسبة تكريم الفائزين في المسابقة في سنتها الرابعة عشرة.. فالجائزة تعتبر اضافة حقيقية للمجتمع ولعالم التنمية المعلوماتية، ذلك انها تحفز المهتمين وتحض على الابداع في هذا المجال، من خلال منح جوائز للمتنافسين في مجال التقنية، سواء كانوا متقدمين كأفراد أو رشحوا عن طريق حكومات الكترونية، أو عبر مؤسسات بحثية وجمعيات النفع العام.
٭٭٭
الجائزة تعتبر فكرة متميزة لأنها حشدت للجائزة نخبة من الأساتذة والاكاديميين في التعليم العالي الذين يعملون متطوعين وبجهد وافر متحمسين لهذه الفكرة الرائدة، كان لهذا أثره الكبير في ان هذه الجائزة خلقت تواصلاً مجتمعياً في الأوساط المهتمة بهذا المجال، وكانت بداياتها أولاً محلية، ثم ما لبثت ان تطورت وجابت آفاق التفاعل الخليجي والعربي والغربي أيضاً على مستوى الدول والحكومات!!
في كل وقت.. لدى القائمين على الجائزة الجديد الذي يقدمونه وفي هذا الاطار خصصت الجائزة بالأمس الأول محوراً جديداً أساسياً، للتفاعل مع الحدث الاستثنائي، الذي شهدته الكويت يوم 2014/9/9، بتسمية سمو الأمير قائداً انسانياً، فكان ان أطلقت الجائزة منصة تقنية تفاعلية باسم (منصة الشيخ صباح الأحمد للعمل الانساني) ليستنير بها المتطوعون والمهتمون بالقيم الانسانية التي توجت بأعمال ومشاريع ومساهمات سمو الأمير الانمائية والانمائية.
٭٭٭
وكان لافتاً ان يحدث كل هذا بين القائمين على الجائزة ورواد هذا العمل، فقد تمت استضافة المخترع الشهير (ستيفن ساسون) صاحب اختراع «الكاميرا الرقمية الثابتة» في عام 1975، والتي كانت نقطة تحول في تاريخ التصوير الفوتوغرافي، والحاصل على جوائز عالمية بالجملة من أهم المؤسسات والجامعات العالمية، وكم كان معبراً ان تتم استضافته بعد (40 عاما) من اختراعه، بدعوة كريمة من الشيخة عايدة، ليتسلم جائزة تقدير من صاحب السمو، تقديراً وامتناناً لابتكاره الذي غير وجه العصر وهو ما أنظر اليه باعتباره رسالة رائعة من دولة صغيرة في تكريمه هنا في الكويت!!
بقى ان نطل على شخصية الشيخة عايدة، التي كانت وراء كل هذا التطور والنجاح، فهي شخصية جادة وتسعى دائماً لأن تتميز الكويت وتشجع الابداع وكل من يعمل معها يشعر بانسانيتها ووطنيتها وتفانيها في كل ما من شأنه ان يرفع اسم دولة الكويت عالياً، وكم أتمنى ان تحظى هذه المرأة بالمكانة التي تستحقها في الدولة، وأملي ان تترأس مجلساً أعلى للتنمية المجتمعية، فهي قادرة على ان تحول أي مبادرة وفكرة الى مشروع ناجح!
من وجه مشرق الى وجه أكثر اظلاماً..
٭٭٭
مهرجان المونديال (المصري)..
كما قلت فإن للحياة وجهان أحدهما مشرق والآخر مظلم.. ومن الجوانب المظلمة هذا المهرجان الذي تأخرت في الكتابة عنه.. وأعني به مهرجان المونديال للأعمال الفنية والاعلامية بالقاهرة، الذي أقيم في الفترة من 20 – 24 نوفمبر، بسبب انشغالي بفتح ملفات وزارة الاعلام، ووزيرها، ومسؤوليها، وكل «بلاويها».. هذا المهرجان الذي أقيم أخيرا ينهض دليلاً على هذا الفشل الذريع الذي ترفل فيه الوزارة على الرغم من ان الصورة تبدو جذابة من الخارج، فاذا كنا لا نشعر مطلقاً بدور الوزارة، ولا بأي انتاج لها، ولا بأي عمل ابداعي لها.. لا فنياً ولا درامياً، ولا حتى اخبارياً، فكيف يمكن ان يصوروا لنا المهزلة التي حدثت كأنها انجاز؟
كيف يكون ذلك؟
٭٭٭
لقد أعلنوا انهم شاركوا في هذا المهرجان بحوالي 30 عملاً تلفزيونياً واذاعياً، منها ما هو منوعات ومنها ما هو أعمال ثقافية ودينية ورياضية، وأخرى درامية.. وأيضاً أعمال للطفل.. وأعلنوا أيضاً انهم فازوا بـ 23 جائزة، وليس في هذا أي خطأ أو عيب.. لكن أتحدى ان يتذكر المشاهدون اسماً لعمل درامي أو اذاعي أو فني علق بأذهانهم؟!.
بربكم هل هذا يستقيم؟ هل هذا ممكن؟ هل هذا معقول؟ أيمكن ان تتقدم الكويت بهذا العدد من الأعمال التي لم يسمع عنها أحد، ثم تفوز أغلبها (23 عملاً دفعة واحدة) بجوائز؟!
يقيناً فإننا يسعدنا ويفرحنا ويجعلنا نزهو ببلدنا ان نفوز بهذه الجوائز، لكن كيف يمكن ان يسعدنا الوهم هل هذا يعقل؟
٭٭٭
لو أننا كنا نتابع تلفزيون الكويت ولا نغير مؤشر الراديو عن الاذاعات المحلية لأننا منبهرون بأعمالنا الدرامية التلفزيونية وغيرها.. لما كان هناك خطأ أو مشكلة.. لكن هذا لم يحدث مطلقاً ان الوكيل المساعد يوسف مصطفى يؤكد ان هذه النجاحات التي توجت بها وزارة الاعلام جاءت بتوجيهات من وزير الاعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب، وشكره على الدعم المادي والمعنوي اللامحدود للفرق المشاركة، فعن أي تتويج يتحدث؟ هل يصدق الوكيل نفسه ان تحصد الكويت (23) جائزة؟!
هل الوكيل المساعد متأكد من هذه المعلومة والتي استقبل على أثرها باحتفال خاص في المطار وعقد مؤتمراً صحافياً، وظلت الوزارة على مدى ثلاثة أيام عبر تلفزيوننا واذاعتنا تتحدث عن هذا الحدث!!
٭٭٭
هل تعتقد يا سعادة الوكيل حقاً وصدقاً ان لجنة التحكيم رأت ان (23) عملاً فنياً كويتياً استحقت الفوز على الأعمال المناظرة لها من الدول الأخرى المشاركة في هذا المهرجان الذي يقام الآن بديلاً لمهرجان الاذاعة والتلفزيون أم ان ما تم تقديمه في المونديال هو عبارة عن (شهادات تقدير) تكريماً لكم لحضور هذا المهرجان؟!
هناك فارق كبير بين تكريمك وحصولك على شهادة تقدير وبين استحقاقك جائزة قدمت لك نتيجة تقييم أعمالك، مقارنة بالأعمال الأخرى، لأن هذه المسألة تعتبر سابقة في تاريخ كل المهرجانات الثقافية ان تعطي دولة (23 جائزة) في الوقت الذي توجد دول أخرى لها باع كبير في الانتاج الفني، تنافس منافسة قوية جداً.. أقول هذا من دون ان أقلل من قدر شبابنا من منتجين أو مخرجين أو منفذين اطلاقاً.. ليس الأمر هكذا مطلقاً.. كل هؤلاء لهم احترامي وتمنياتي، ولكن «حدث العاقل»!
٭٭٭
ما أعلمه ان رئيس اتحاد المنتجين ورئيس المونديال كان ضيفاً على الكويت بعد المهرجان مباشرة.. فأهلاً وسهلاً به، لذلك أتمنى ان يجيب الوكيل صراحة، هل هذه «شهادات» تقدير أم جوائز مستحقة على أعمال جيدة متميزة أبدعها الكويتيون.. لأنها بالفعل فضيحة ثقافية لم نرها من قبل ولم نسمع عنها، فأصبح كل شيء اليوم قابلاً للتدليس في ظل هكذا وزارة ومسؤولين وللأسف لم نجد أحداً يسأل أو يتأكد من ذلك.. فهذا هو الشيء الطبيعي لدولة كل مؤسساتها تعيش الأكذوبة في كل شيء!!
.. والعبرة لمن يتعظ!!
آخر مقالات الكاتب:
- «الحرمنة» في «الكويتية» عنوان.. فمن يجرؤ؟!
- انهم يسيئون للبلد!!
- أميرنا الغالي.. وذوو القلوب العمياء!!
- كل العورات انكشفت.. بعد إغلاق الوطن!!
- 20 مليوناً اعتمادا تكميلياً لقناة «المجلس».. لماذا؟!
- فضيحة الطائرات المؤجرة.. التي سبق أن حذرنا منها!!
- الخطأ والمكابرة.. عنوان المرحلة!!
- قناة «المجلس».. وحلفاؤها الجدد!!
- محطات!!
- من سينقذ «الإعلام».. من «مطّب» الدويلة!!