مع عودة الحركة الدستورية الاسلامية الى الساحة الانتخابية من جديد، رجع الحديث عن الاسلام السياسي ودمج السياسة بالدين، البعض كعادته رفض خلط القواعد الشرعية بالعمل السياسي، وبالتالي رفض وجود جماعات الاسلام السياسي والتعامل معها، والبعض أخذ يكرر ما يسمعه من أصحاب هذا الرأي دون استيعاب لمضمونها..!
عندما قرأت مقال الزميل عبدالله بشارة في القبس عن عودة «حدس»، وقد كتبها بأسلوب النصيحة، وبأسلوب راق ومميز، أدركت أننا بحاجة الى توضيح هذا الخلط في معنى الاسلام السياسي! إذ ان الجماعات السياسية، التي تتبنى الفكر والمنهج الاسلاميين في برامجها وأجنداتها، تعمل على تطبيق روح هذه التوجهات الشرعية من خلال القوانين التشريعية!
لا يظن أحد أنه ممكن أن تمارس السياسة بعيداً عن الضوابط الشرعية، فخليفة المسلمين كان يؤم المسلمين بالصلاة، وكان يقودهم بالمعارك، ودساتيرنا كلها خصصت أبواباً لهوية الدولة ودينها ومصادر تشريعها، وأكدت أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي في التشريع، ولا يُتصور ان يصدر قانون عن منع الخمور والربا وترخيص نوادي القمار وبيوت الدعارة وتجريم المخدرات بعيداً عن توجهات الشريعة الاسلامية، كما لا يمكن أن تفصل قوانين المواريث والزواج والطلاق عما أورده القرآن الكريم من أحكام مفصلة، فكيف يأتي اليوم من يطالب بفصل الأحكام الشرعية وتوجهاتها عن النصوص الدستورية والقوانين الصادرة؟!
لنكن صرحاء ونقول إن البعض من المطالبين بفصل الدين عن العمل السياسي، انما يريد أن يحلل بعض المحرمات شرعاً، والمتفق عليها في جميع المذاهب الاسلامية! نعم.. بعض هؤلاء يريد أن يكون جسد المرأة أداة لتسويق بضاعته وترويج تجارته، والبعض قد ينتظر الفرصة لإقرار ما يسمح باستيراد وبيع المحرمات، لذلك تجد هذا البعض يعادي جماعات الاسلام السياسي، التي أصبحت حجر عثرة في وجه هذه التوجهات غير المشروعة! لذلك تجده يطالب بألاّ يصل الى مجلس الأمة ومراكز القرار كل من لديه أجندة دينية تحرم هذا وتمنع ذاك! أو كما أسماه السفير السابق «لن يتقدموا بجدول أعمال خاص بتسييس الدين».
أخطر ما يطرحه دعاة فصل الدين عن السياسة هو ما ورد في المقال المذكور «.. إبعاد الدين عن التداخل مع السياسة التي لا تعرف القيود، فلا محرمات فيها ولا تعبأ بالمناشدات الاخلاقية..!»، اذاً هذا ما يسعون اليه، ان تكون قوانينهم وقراراتهم التي يصدرها الساسة بعيدة عن الضوابط الدينية وقيود الشريعة، فلا يمنع صدور القوانين في نظرهم وجود نص يحرمه أو حكم شرعي يقيده!
الفرق بيننا وبينكم أيها السادة، اننا جئنا لنطبق النصوص الدستورية ونحترم التوجه العام للأمة، وأنتم تريدون أن تفرّغوا هذه النصوص من محتواها وتشرّعوا وفقاً للهوى لا وفقاً للدستور!
* * *
نبارك للقارئ الكريم حلول شهر رمضان المبارك، جعله الله شهر خير وبركة على الكويت وشعبها وعلى الأمتين العربية والاسلامية.