إجابتي عن السؤال الذي تكرر طرحه علي في الأيام الفائتة: مع المقاطعة أم المشاركة في الانتخابات القادمة؟ أقول: قبل كل شيء، يجب الاستئذان من الأسر المسحوبة جنسياتها والسجناء، قبل النقاش، لا قبل اتخاذ القرار. أكرر: ما لم يتم الاستئذان من المتضررين، والحصول على موافقتهم الواضحة، يجب ألا يُفتح الموضوع للنقاش حتى. وهذه النقطة، تحديداً، هي سبب اختلافي مع إعلان تياري “ثوابت الأمة” و”حدس” قراريهما، منفردين، بالمشاركة.
فالحصافة السياسية، وقبلها “الخوّة” والزمالة والوفاء، التي لا تخلو منها الحركتان، تحتّم على الإنسان التواصل مع المتضررين. ولو كنت مكان “حدس” – لن أتحدث عن تيار ثوابت الأمة لأسباب عدة، أهمها البون الشاسع في المنطلقات – أقول لو كنت مكان “حدس” لشكّلت وفداً من ثلاثة أشخاص أو أربعة، يقابل المسحوبة جنسياتهم، وأهالي السجناء، لاستئذانهم قبل مناقشة القرار، أو حتى لإطلاعهم على قرار الحركة بعد اتخاذه، لكن قبل إعلانه، وذلك أضعف الإيمان.
وتخيلوا معي، لو أن وفداً من “حدس” جاء إلى النائب السابق عبدالله البرغش، مثلاً، باعتبار ما جرى له هو الأكثر ظلماً، وقال الوفد لعبدالله: الحركة ترى أن المشاركة في الانتخابات هي الخيار الأفضل، وقد اتخذت قرارها، واليوم نزوركم لنخبركم بالقرار قبل إعلانه، وكي “نأخذ بخواطركم”، ونطلعكم على ما ننوي فعله في حال نجاح نوابنا في الانتخابات بخصوص قضيتكم.
تخيلوا ذلك، تخيلوا لمسة الوفاء هذه، مع إنها جاءت بعد مناقشة القرار واتخاذه، وتخيلوا معي ردة فعل عبدالله البرغش تجاه زملائه في المقاطعة الذين قدّروه ولم يتجاهلوه، ثم تخيلوا معي ماذا كان سيقول لهم. أجزم أن عبدالله سيدعو لهم بالتوفيق، سواء اختلف مع قرارهم أو اتفق.
والأمر كذلك يسري على بقية المسحوبة جنسياتهم والسجناء. لكن أظن أن الأمر فات على “حدس”، ولم يتمكنوا من رؤيته لشدة الغبار، وإلا ما كانوا فوّتوا مثل هذا التصرف، ومنهم رجالٌ نعرفهم، ويعرف الناس أنهم أهل وفاء و”خوّة” صادقة. لكن، وكما ذكرت، يبدو أن الضجيج والغبار شوّشا أفكارهم.
عموماً. بالنسبة لرأيي الشخصي في الموضوع، وفي حال تَرك لنا المتضررون حرية اتخاذ القرار الذي نراه، فأرى أن الموضوع يحتاج إلى المفاضلة وحساب المميزات والعيوب، وأيها أكثر. وعن نفسي، ما زلت في مرحلة “حك الجبهة”، ولم أتوصل بعد إلى ترجيح كفة على أخرى، فهل نترك للعابثين المجال إلى عام 2021 أم نشارك بشروط السلطة وعلى ملعبها وجمهورها ولجنة تحكيمها؟ خياران أحلاهما مر. والتفاصيل فيهما كثيرة، قد أتطرق لها في مقالة لاحقة.