موقفي من الوسط الأكاديمي في جامعة الكويت سلبي بشكل عام، ليس فقط بسبب تدني مستوى البعض، وتواضع الجامعات التي تخرجوا فيها، بل وايضا لشكّي في شهادات البعض الآخر. ولا أعتقد أنني بحاجة الى أدلة إثبات هنا. أقول ذلك ليس ترفعا، فلست افضل من أحد، بل أعتبر نفسي كالذواقة، فعجزي عن الطبخ لا يعني بالضروري عجزي عن التفريق بين الطيب والفاسد منه، وطعام بعض «أكاديميينا» ليس بالمستوى المطلوب، هذا إن طبخوا، خاصة بعض الذين يصرون على أن يسبقوا اسماءهم بحرفي الألف والدال، وهذا ما لا يفعله حتى أ. د. هنري كيسنجر.
عندما كتبت، قبل أيام، مقالي عن الغش في الجامعة، وكلية الحقوق بالذات، لم أكن أعرف مقدار ما سيثيره من شجون لدى الغيورين في الوسط الأكاديمي. وتبين لي، من خلال ما وردني من اتصالات من بعضهم، أنني كنت على حق في موقفي السلبي من الوسط، الذي ترسخ من خلال ما سمعت منهم عن أوضاع الجامعة، طلبة وأساتذة! فقد أصبح أقرب للهشاشة بسبب كبر حجم الجامعة من جهة وصعوبة التحكم في كل مرافقها بطريقة جيدة، وانتشار ممارسات الغش في امتحانات الجامعة، من جهة أخرى، لدرجة أن أستاذة كبارا وجدوا في مقالنا دعما لجهودهم في محاربة الظاهرة، ودفاعا عن سمعتهم كأستاذة يحترمون وظيفتهم السامية، وكيف أنهم كانوا اكثر جدية في محاربة ظاهرة الغش من الإدارة، وكيف ان البعض بذل من ماله الخاص لمحاربة الغش أو الحد منه، بعد رفض الإدارة فكرة تركيب أجهزة تشويش ضد أجهزة التنصت والاتصال التي يستخدمها الطلبة. ويقول أستاذ قانون مرموق ان الإدارة تصرفت مع محاربي الغش بمنطق، اذهبوا انتم وربكم فقاتلوا! وقال استاذ محترم آخر ان إدارة الجامعة سابقاً رفضت تركيب أجهزة التشويش، لشبهة تأثيرها في الصحة. أما الإدارة الحالية فقد كانت أكثر صراحة، عندما اخبرت أستاذة معروفة أن الميزانية لا تسمح! وذكر لي استاذ رابع أن تقنيات الغش في تقدم، ووسائل مقاومتها في الجامعة معدومة. كما أن حكم الاستئناف الذي صدر ببراءة طالب قبض عليه ومعه اجهزة تنصت واتصال دقيقة، قد فت من عضد مراقبي الامتحانات، والأساتذة الغيورين على المصلحة، بحيث أصبح هؤلاء يشعرون حقيقة بأنهم يعيشون في دولة اللامبالاة. وبالتالي من مهمة وزير التربية الطلب من كل الجهات التعليمية ضرورة تطبيق اللائحة الداخلية، للجامعة وغيرها، في حال ثبوت الحالة، مع تنبيه الطلبة قبل الاختبار لهذا الأمر. كما عليه واجب السعي الى إعادة النظر في الحكم، بتمييزه، لما ترتب عليه من آثار سلبية خطيرة. ومن الضروري هنا الحرص على توصيات حكم الاستئناف، واتخاذ الإجراءات المناسبة عند رصد اي قضية غش، من إعداد محضر بالواقعة، وتشكيل لجنة تحقيق، وغير ذلك.