الدكتورة عروب الرفاعي طرحت في حسابها في “تويتر” اقتراحاً رائعاً، رغم شعورها الواضح بالقرف. الاقتراح يحتج على تسمية أغلبية الشوارع بأسماء لا يعرف الناس ماذا قدمت للبلد، لذا تطلب الدكتورة من الناس الاستعانة بالأرقام بدلاً من تلك الأسماء.
اقتراح لذيذ بصراحة، فأغلبية الأسماء لم تقدم للبلد شيئاً يُذكر، ولا حتى شيئاً يُنسى. وتخرج من بيتك في أمان الله فتجد لوحة زرقاء تسر الناظرين، كُتِب عليها البؤس قبل أن يُكتب عليها اسم صاحب الحظوة المجهول، فهذا شارع توفيق يونس طه يتقاطع مع شارع مصطفى بجاد يعقوب، المتفرع من شارع كاظم بداح السعيسان (تعمّدت اختيار أسماء لا يستخدمها حتى الجن، وعسى ألا يجلب لي سوء الحظ أحداً يحمل اسماً من هذه الأسماء).
فتسأل مسؤولاً: من هو السيد توفيق الذي تزين شارعنا باسمه، فيأتيك الجواب مسبوقاً بـ”اهيييه” الدالة على التعجب من جهلك: توفيق صديق مصطفى بجاد، الروح بالروح، فتستخدم يدك ورجلك لتساعداك في خنق وركل المسؤول العظيم، قبل أن تسأل ثانية: ومن هو مصطفى بجاد حفظه الله؟ فيجيبك: والد زوجة النائب الفاضل الذي يسكن في رأس هذا الشارع… أها، طيب ومن هو الأخ كاظم بداح؟ هو والد سعادة النائب القبيض بداح كاظم، حفظهما الله. تشرفنا.
على أننا، من باب إحقاق الحق وإهبال الهبل، لم نصل بعد إلى مستوى الكارثة الكبرى، التي تتمثل في تسمية المرافق العامة بأسماء هؤلاء السادة الأفاضل، الذين خرج من أصلابهم لصوص مبتزون، استطاعوا إطلاق أسماء آبائهم على الشوارع، لا لتخليد ذكراهم، كما قد يتوهم البعض، بل لإثبات القوة والتفاخر أيضاً.
واقترح الدكتور غانم النجار إطلاق اسم المرحوم حمد الجوعان على مبنى التأمينات العامة، باعتباره مديرها الأول وأحد مؤسسيها. ولعل إطلاق اسم الجوعان على هذا المبنى يدفع الأجيال القادمة إلى التساؤل عن الجوعان وتاريخه وسبب وضع اسمه على المبنى، فتحفظ الأجيال تاريخها من عوامل التعرية والتزوير والكذب والتشويه.